للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالأقوى فإذا ابتدأت بقصدك من الجانب الأضعف مصعدا كان آخر الأجزاء أقواها نحو (مات الناس حتى محمد عليه الصلاة والسلام) بالعطف وليس هو صلى الله عليه وسلم آخرها حسبا، ولا دخولا بل هو آخرهم قوة وشرفا، وإذا ابتدأت بعنايتك من الجانب الأقوى منحدرا كان آخر الأجزاء أضعفها نحو (قدم الحاج حتى المشاة) عطفا، ويجوز أن يكونوا قادمين قبل الركبان أو معهم" (١).

وجاء في (الأصول): " وإنما يذكر - أي الاسم بعد (حتى) - لتحقير أو تعظيم أو قوة أو ضعف وذلك قولك (ضربت القوم حتى زيد) فـ (زيد) من القوم وانتهى الضرب به فهو مضروب مفعول، ولا يخلو أن يكون أحقر من ضربت أو أعظمهم شأنا وإلا فلا معنى لذكره، وكذلك المعنى إذا كانت عاطفة كما تعطف الواو، تقول (ضربت القوم حتى عمرا) فـ (عمرو) من القوم، به انتهى الضرب (وقدم الحاج حتى المشاة والنساء) فهذا في التحقير والضعف. وتقول: (مات الناس حتى الأنبياء والملوك) فهذا في التعظيم والقوة (٢).

وهذا هو الغالب وليس لازما، فإنه قد يكون العطف بها أو الجر يفيد الغاية، فحسب من دون تعظيم أو تحقير، وذلك نحو قولك (قرأت القرآن حتى سورة الناس) عطفا أو جرا، فهذا للغاية في كون سورة الناس آخر القرآن، وليس لتحقير أو تعظيم، ونحو قولك (قرأت الكتاب حتى الصفحة الأخيرة).

وهي تعطف المفردات ولا تعطف الجمل (٣). فهي في قولك (أكرمت أخاك حتى قمت على رأسه)، وقوله:

فما زالت القتلى تمج دماءها ... بدجلة حتى ماء دجلة أشكل


(١) شرح الرضي على الكافية ٢/ ٣٦١
(٢) الأصول ١/ ٥١٦ - ٥١٧، وانظر المفصل ٢/ ١٩٧
(٣) انظر المغنى ١/ ١٢٧، التصريح ٢/ ١٤١، حاشية الخضري ٢/ ٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>