للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فما جزاء من يفعل ذلك منكم} [البقرة: ٨٥]، وقال: {كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون} [البقرة: ٢١٩]، وقال مخاطبًا نساء النبي {وكان ذلك على الله يسيرًا} [الأحزاب: ٣٠].

ومع أن الوجهين جائزان على سبيل السعة والكثرة، فالمتكلم البليغ لابد أن يرجح أحدهما على الآخر في موطن من مواطن الاستعمال لسبب يقتضيه المقام، فيستعمل الأفراد في موطن، والمطابقة في موطن آخر، بل أننا نرى في القرآن الكريم المطابقة والأفراد في الآية الواحدة أحيانا فقد قال تعالى: {ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر} [البقرة: ٢٣٢]، فقد قال (ذلك) ثم قال (ذلكم).

وقد ذكر بعض النحاة إن " لأفراد الكاف إذا خوطب به جماعة تأويلين: أحدهما أن يقبل بالخطاب على واحد من الجماعة لجلالته والمراد له ولهم، والثاني أن يخاطب الكل ويقدر اسم مفرد من أسماء الجموع يقع على الجماعة تقديره: ذلك يوعظ يا فريق ويا جمع" (١).

وهناك أكثر من سبب بلاغي يدعو إلى المطابقة، أو إلى الأفراد، ومن هذه المواطن.

١ - ما ذكرناه آنفا من أنه قد يقصد أحد من الجماعة بالخطاب لجلالته والمراد له ولهم ويحتمل أن منه قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} [البقرة: ١٤٣]، وقوله: {فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين} [البقرة: ١٩١]، فالخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه رأس الأمة وعليه يتنزل الوحي، والأمة مقصودة بالخطاب أيضًا.

٢ - قد يراد بالمفرد مخاطب غير معين، وهذا كثير في اللغة فإنك قد تقول كلاما ولا تخاطب به معينًا، وإنما تقصد به كل سامع وذلك نحو قوله:

وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع


(١) الهمع ١/ ٧٦ - ٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>