[الاستثناء في الطلاق]
قال: [فصل] أي: في الاستثناء في الطلاق.
[ويصح الاستثناء في النصف فأقل من مطلقات وطلقات].
أهل الأصول في أصح القولين وهو الذي أخذ به الحنابلة، قالوا: إنه يصح استثناء النصف فأقل، ولا يصح استثناء الأكثر ولا استثناء الكل.
فلو قال رجل: لفلان علي مائة ألف إلا مائة ألف، لم يصح هذا الاستثناء، فتلزمه مائة ألف، ولو قال: لفلان علي مائة ألف إلا تسعين ألفاً لم يصح ولزمه مائة ألف.
فإن قال لفلان: علي مائة ألف إلا خمسين ألفاً صح، ومائة ألف إلا أربعين صح.
إذاً: يصح استثناء الأقل ويصح استثناء النصف، وأما استثناء الأكثر واستثناء الكل فلا يصح، ولذا قال المؤلف هنا: (ويصح الاستثناء في النصف فأقل من مطلقات وطلقات).
ثم قال: [فلو قال: أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة طلقت ثنتين].
وهذا كلها بناء على وقوع الطلاق الثلاث ثلاثاً.
قال: [وأنت طالق أربعاً إلا اثنتين، يقع ثنتان] أي: يقع من الطلاق اثنتان، لأن الاستثناء هنا بالنصف.
قال: [وشرط في الاستثناء اتصال معتاد لفظاً].
لابد أن يتصل، فلو قال: أنت طالق اثنتين إلا واحدة، فهذا متصل في العادة.
لكن لو قال: أنت طالق اثنتين وسكت أو تكلم بكلام وقيل له: يا فلان! لماذا تطلق زوجتك اثنتين وقد طلقتها واحدة قبل ذلك فتبين منك؟ فقال: إلا واحدة، فهل يصح؟
الجواب
لا يصح هذا الاستثناء.
إذاً: لابد أن يتصل في العادة لفظاً بأن يأتي متوالياً، يقول: أنت طالق اثنتين إلا واحدة.
قال: [أو حكماً كانقطاعه بعطاس ونحوه]، يقول: أنت طالق اثنتين فيعطس أو يسعل ثم يقول: إلا واحدة، فيصح لأنه متصل حكماً.
إذاً: لابد أن يتصل اتصالاً معتاداً إما لفظاً وإما حكماً.
وهناك شرط أيضاً لابد منه، وهو أنه لابد أن يكون قد نوى الاستثناء قبل كمال المستثنى منه.
فهذا رجل قال: يا فلانة أنت طالق اثنتين ولم ينو إلا اثنتين فبدا له الاستثناء وقال: مباشرة إلا واحدة، فإنه يقع اثنتان، ولو أنه نوى في قلبه قبل أن يكمل النطق بالمستثنى منه أنه يستثني فإنه يصح الاستثناء، وذلك لأن الاستثناء يصرف الكلام عن مقتضاه، فإن مقتضى قوله: (أنت طالق اثنتين) أنها تطلق اثنتين، فالاستثناء يصرفه من اثنتين إلى واحدة، فلابد أن ينوي قبل كمال المستثنى منه، أي لابد أن يكون في قلبه نية الاستثناء.
لكن لو نوى الاستثناء بعدما فرغ فإنها تقع طلقتان.