[ما يسقط نفقة الزوجة وما لا يسقطها]
قال: [فصل، والرجعية مطلقاً] إلى أن قال: كالزوجة في النفقة والكسوة والمسكن، لأن الرجعية زوجة، ولذا قال الله جل وعلا في كتابه الكريم: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة:٢٢٨] فهو بعل لها، فبمقتضى الزوجية يجب أن ينفق، ولذا قال الله عز وجل: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق:١] فبيته بيتها، وعلى ذلك إذا طلق الرجل امرأته طلاقاً رجعياً فلها النفقة ولها الكسوة ولها السكنى، ولذا جاء في المسائل أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إنما النفقة والسكنى لمن تملك الرجعة).
إذاً الرجعية إنما يسقط قسمها في المبيت فقط، وأما نفقتها وكسوتها وسكناها فلا تسقط.
قال: [والبائن والناشز الحامل].
أي: البائن الحامل، فإذا طلق امرأته بالثلاث بانت منه بينونة كبرى، فلا ينفق عليها لأنها ليست بزوجة ولذا لا ترث ولا تورث، ولكن إن كانت حاملاً فإنه ينفق عليها.
قال الله جل وعلا: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق:٦].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داود: (لك النفقة إن كنت حاملاً)، قال ذلك للبائن.
وجاء في صحيح مسلم أن فاطمة بنت قيس طلقها زوجها ثلاثاً فلم يجعل لها النبي عليه الصلاة والسلام سكنى ولا نفقة.
إذاً: البائن التي طلقها بالثلاث لا نفقة لها ولا سكنى إلا أن تكون حاملاً، فإذا كانت حاملاً فإنه ينفق عليها حتى تضع حملها، وهل النفقة للحمل أو النفقة لها هي من أجل الحمل، المشهور في المذهب أن النفقة للحمل، لأنها وجدت بوجوده وتنتفي بانتفائه.
والقول الثاني وهو رواية عن أحمد: أن النفقة لها هي من أجل الحمل، قالوا: بدليل أنها تجب في حال العسر واليسر، قالوا: فدل أنها لها.
واختار شيخ الإسلام أنها لها وللحمل جميعاً، فقال: هي للحمل ولها.
ويترتب على الخلاف أنا إذا قلنا إنها للحمل فإنها تسقط بمضي الزمن، وإذا قلنا لها من أجل الحمل فلا تسقط بمضي الزمن.
وشيخ الإسلام يقول بالأمرين جميعاً، وهذا هو الصحيح، لأن النفقة للحمل فتنتفي بانتفائه وتوجد بوجوده ولها من أجل هذا الحمل.
وعلى ذلك فنقول: النفقة للحمل ولها، ولذا تجب النفقة في حال العسر واليسر على الحامل، ولا تسقط بمضي الزمان، فهي للحمل لأنها إنما وجبت لوجوده، وتجب لها من أجل حملها، ولذا لا تسقط بمضي الزمان.
والناشز كذلك إن كانت حاملاً، فإن لم تكن حاملاً فلا نفقة لها، فالمرأة إذا عصت أو نشزت فلا نفقة لها، وإن كانت حاملاً فلها النفقة.
لو أن المرأة خرجت من بيت زوجها بلا رضاه إلى أهلها ومكثت عند أهلها ناشزاً فلا ينفق عليها، فإن كانت حاملاً وجب أن ينفق.
قال: [والمتوفى عنها زوجها حاملا]، كذلك المتوفى عنها زوجها يؤخذ من تركته وينفق عليها، وتقتسم معهم الباقي؛ لكن يؤخذ من أصل التركة ما يكفيها نفقة وكسوة وسكنى، لأنها حامل.
قال: [كالزوجة في النفقة والكسوة والمسكن]، فالرجعية مطلقاً والبائن الحامل والناشز الحامل والمتوفى عنها إذا كانت حاملاً هن كالزوجة في النفقة والكسوة والمسكن.
قال: [ولا شيء لغير الحامل منهن]، أي: من الثلاث.