[تعريف القرض وما يصح به عقد القرض وما يلزم به]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب القرض].
القرض هو دفع مال لمن ينتفع به ويرد بدله.
وهو مندوب؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما من مسلم يقرض مسلماً مرتين إلا كان كصدقتها مرة)، رواه ابن ماجه وغيره.
يعني: إذا أقرضت عشرة آلاف ريال فكما لو تصدقت بنصفها، وإذا أقرضت هذا المبلغ مرة أخرى فكأنك تصدقت به كله، وهذا فيه فضل القرض.
قال: [يصح بكل عين يصح بيعها].
بعض الناس يظن أن القرض في الدراهم والريالات فقط، فذكر أن كل ما يصح بيعه يصح قرضه، فلو أنه أقرضك صاعاً من تمر فإنك ترد له صاعاً من تمر.
ويكون بين الجيران أن تستقرض المرأة كيلواً من الأرز أو تستقرض كذا من الخضروات التي نقصت في بيتها وتردها من الغد، فهذا قرض.
[إلا بني آدم]، يعني العبد والأمة فلا يجوز إقراضهما، قالوا: لأن ذلك لم ينقل.
[ويشترط علم قدره ووصفه].
القرض لابد أن يعلم قدره وأن يعلم وصفه لرفع الجهالة، فلابد أن يعلم أنه أقرضه مثلاً مائة صاع من البر، أو مائة ريال قطري، وأن يعلم وصفه أيضاً كأن يعلم أنه أقرضه مائة صاع من الأرز الجيد أو من الأرز الرديء.
قال: [وكون مقرض يصح تبرعه].
أي: أن يكون المقرض ممن يصح تبرعه، فالصبي لا يقرض والمجنون لا يقرض ولا يصح قرضه، والسفيه لا يصح قرضه، لأنه لابد أن يكون القرض ممن يصح تبرعه وهو جائز التصرف، وجائز التصرف هو المكلف الرشيد.
لو أن صبياً ورث من أبيه فاقترض منه أحد من الناس، فهل نقول: إن هذا القرض يصح؟ لا، ونقول: رد إلى هذا الصبي حقه، لأنه لابد أن يكون القرض من جائز التصرف.
قال: [ويتم العقد بالقبول]، فإذا قبل المستقرض تم العقد.
أقرضتك عشرة آلاف ريال فقلت: إني قبلت، تم العقد، لكن هل يلزم؟ قال: [ويملك ويلزم بالقبض]، فلو أنك قلت: يا فلان، أقرضتك عشرة آلاف ريال، فقال: قبلت! ولم تقبضه إياها، فلك أن ترجع عن وعدك.
إذاً: القرض لا يلزم إلا بالقبض.
قلت: يا فلان، أقرضتك عشرة آلاف ريال ردها إلي بعد سنة، سأذهب إلى الصندوق وآتيك بها، ثم إنه بدا له أن يرجع؛ فله ذلك، لأنه لا يلزم إلا بالقبض.