ثم قال:[فصل: ذكر صريح القذف وذكر كنايته]، الصريح: كل لفظ يدل على الزنا أو اللواط صراحةً لا يحتمل غيره، يعني: لا يمكنه أن يقول: أنا أريد كذا، فهو لا يحتمل غير الزنا الصريح، هذا هو صريحه، وهنا لو ادعى أنه يريد شيئاً آخر لم يقبل منه، فلو قال: يا فلان! أنت زانٍ، ثم بعد ذلك لما أتي به إلى القاضي قال: أريد أنه ينظر إلى النساء، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(والعينان تزنيان وزناهما النظر)، فنقول: لا.
هذا وجه بعيد لا يحتمل، فهذه ألفاظ صريحة، والألفاظ الصريحة يؤخذ بها مطلقاً، ثم ذكرها رحمه الله.
قال:[وكنايته]، الكناية هي التي تحتمل الزنا وتحتمل غير الزنا، فإذا ادعى القاذف أنه يريد غير الزنا، فقال: أنا ما أريد الزنا وإنما أريد كذا، مثل أن يقول: يا خبيث مثلاً أو غير ذلك من الألفاظ، وقال: أنا أريد بالخبيث هنا خبيث الطباع، أو رماه بالتخنث، وقال: أنا أريد هنا التكسر والتشبه بالنساء ولا أريد الزنا، فيقبل هذا الكلام منه بيمينه.
إذاً: اللفظ الصريح لا يقبل منه التخلص منه، ويقام عليه الحد، وغير الصريح الذي يحتمل إن ادعى هذا الاحتمال قُبل ذلك منه، ولكن لا بد من يمينه، وظاهر ذلك: أنه يقبل منه ولو كانت هناك قرائن تدل على أنه يريد زنا الصريح، واختار ابن القيم وهو قول ابن عقيل وهو مذهب المالكية: أنه إذا كانت القرائن تدل على أنه يريد الزنا الصريح، وأتى بلفظٍ محتمل فإنا نحمل كلامه على الزنا الصريح؛ لوجود قرائن، فهذه القرائن تبعد ذلك الاحتمال، وهذا هو القول الراجح؛ لئلا يتذرع الناس إلى قذف غيرهم بالزنا بألفاظ محتملة.