قال:[وإن كانت العين بيد أحدهما فهو داخل والآخر خارج، وبينة الخارج مُقدّمة على بينة الداخل].
إذا كانت العين بيد أحدهما كأرض يغرسها، فهذا يُعد داخلاً فالذي تكون اليد له يعد هو الداخل، والمُدّعي خارج ليست له على هذه الأرض يد، أقام كل منهما بينة، ادّعى زيد أن الأرض التي يغرسها عمرو له وأتى بشهود يشهدون أنها له، فقال الذي يغرس الأرض وهو عمرو: إنها لي أيها القاضي وهذه بيّنتي أيضاً، وأتى بشهود؛ قالوا هنا: لا نقول إن البيّنتين تتعارضا، لأن هذه بيّنة داخل وهذه بيّنة خارج، وإنما نأخذ ببينة الخارج ولا نأخذ ببيّنة الداخل، قالوا: لأن بينة الداخل لا تُسمع؛ لأنه مُدّعى عليه والمدعى عليه تُسمع منه اليمين ولا تتوجه إليه البيّنة.
وهذا القول ضعيف، ولذا ذهب الجمهور وهو اختيار الشيخ محمد بن عبد الوهاب واختيار الشيخ محمد بن إبراهيم أنا نسمع بيّنة الداخل فنُقدّم بيّنة الداخل؛ لأن الداخل معه مُرجّح وهو أنها في يده.
قالوا: وإنما جاء الشرع في أن البيّنة على المُدعي واليمين على من أنكر لأن الأصل أن تكون البينة واحدة لا غير، أما إذا كانت هناك بينتان فإنا نسمع هذه ونسمع هذه إذاً: الصحيح أنا نأخذ هنا ببينة الداخل لأن البينتين تعارضتا فتساقطتا، وبقي لنا أن الداخل له شاهد الحال وهو يده على هذه الأرض التي يغرسها.
ومثل ذلك لو اختلف اثنان في دابة هذا آخذ بزمامها أو راكب لها وهذا مُدّع ليست يده عليها، فأقام هذا بيّنة وأقام هذا بيّنة، فالمذهب أنا نأخذ ببينة المُدّعي وهو الذي ليست يده عليها، قالوا: لأن الآخر تتوجه عليه اليمين فقط، والصحيح ما تقدم وأنا نأخذ ببينة الداخل؛ لأن الداخل يشهد له ظاهر الحال.
وإذا زدنا على ذلك اليمين كما تقدم في مسألة سابقة يكون هذا أحوط في حفظ الحق.
قال:[لكن لو أقام الخارج بيّنة أنها ملكه والداخل بينة أنه اشتراها منه قُدّمت بينته].
هنا حتى على المذهب لو قال الخارج: إن شهودي يشهدون أنها لي وأني ورثتها عن آبائي، فقال الشهود: نعم نشهد أنه ورثها من آبائه، فقال الداخل: إن بينتي تشهد أني اشتريتها منه، فلا شك أنا نقدم بينة الداخل حتى على المذهب؛ قال:[لما معها من زيادة العلم، أو أقام أحدهما بينة أنه اشتراها من فلان، وأقام الآخر بينة كذلك، عُمل بأسبقهما تاريخاً].
يعني: قلنا للخارج: من أين اشتريت؟ قال: اشتريتها من زيد.
قلنا: متى؟ قال: قبل سنة، وقلنا لهذا الداخل: متى اشتريتها؟ قال: قبل سنتين، فنحكم للأسبق منهما.