وكذلك ألا يكون دونه بالحرية، وعلى ذلك فلا يقتل الحر بالعبد، فلو أن حراً قتل عبداً مملوكاً فإنه لا يقتل به، وفي ذلك الدية كما سيأتي إن شاء الله، لكنه لا يقتل به، واستدلوا بما جاء في مسند أحمد أنه من السنة -أي: من سنة النبي عليه الصلاة والسلام-: (أن الحر لا يقتل بالعبد)، فمن السنة أن لا يقتل الحر بالعبد، والحديث فيه جابر الجعفي وهو ضعيف الحديث.
والقول الثاني في المسألة: وهو مذهب الأحناف أن الحر يقتل بالعبد، قالوا: لما جاء في مسند أحمد وسنن أبي داود والنسائي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (المؤمنون تتكافأ دماؤهم)، وهذا مؤمن.
وفي سنن الترمذي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(من قتل عبده قتلناه، ومن جدعه جدعناه) رواه الترمذي وحسنه، وهو كما قال.
ومما استدل به أهل القول الأول قول الله جل وعلا:{الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى}[البقرة:١٧٨].
والجواب على الاستدلال بهذه الآية الكريمة أن نقول: إن هذه الآية نزلت في قول بعض العرب ترفعاً وكبراً: العبد منا نقتل به الحر من غيرنا، والأنثى منا نقتل بها الذكر من غيرنا، فنزلت:{الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى}[البقرة:١٧٨].
ويدل على هذا أن أهل العلم قد أجمعوا على أن الذكر يقتل بالأنثى، والله يقول هنا:{وَالأُنثَى بِالأُنثَى}[البقرة:١٧٨]، ولا قائل بأن الذكر لا يقتل بالأنثى، فكذلك الحر بالعبد، وتقدم حديث الترمذي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(من قتل عبده قتلناه، ومن جدعه جدعناه).