[الرابع المال وما يقصد به المال]
قال: [الرابع: المال وما يُقصد به المال كالقرض، والرهن، والوديعة، والعتق، والتدبير، والوقف، والبيع، وجناية الخطأ].
يعني أن فلاناً قتل فلاناً خطأ، فهذا لا يكون فيه قصاص بل فيه دية؛ قال: [فيكفي فيه رجلان أو رجل وامرأتان].
إذاً: لو شهد رجل وامرأتان أن فلاناً قتل فلاناً خطأ تُقبل، وكذلك في البيع، والقرض، والرهن؛ لأن هذه مسائل مالية، وقد قال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ} [البقرة:٢٨٢] إلى قوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة:٢٨٢].
إذاً: شهادة المرأة لها مدخل في المسائل المالية، وكذلك على الراجح في المسائل التي لا يُقصد منها المال وليست حداً ولا قصاصاً ولا تعزيراً، كما تقدم.
قال: [أو رجل ويمين]، فشهادة الرجل في المسائل المالية تكفي مع يمين صاحب الحق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (قضى بالشاهد واليمين)، كما في صحيح مسلم من حديث ابن عباس، وكما في أبي داود والترمذي من حديث أبي هريرة.
زيد ادّعى أنه أقرض عمراً، وأقام بكراً شاهداً، فالقاضي يسمع هذه الشهادة ويطالبه باليمين، فيقول: احلف أنك أقرضته، فيشهد الشاهد أولاً ثم يحلف هو ثانياً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (قضى بالشاهد واليمين)، يعني في المسائل المالية.
وكذلك -على الصحيح- في المسائل التي قبلها، وهي التي ليست حداً ولا قصاصاً ولا تعزيراً، فليس فيها عقوبة، مثل الرجعة، والخلع، والطلاق، فيصح فيها الشاهد واليمين فيما اختاره شيخ الإسلام، وهو رواية عن أحمد؛ قالوا: لعموم حديث: (أن النبي عليه الصلاة والسلام قضى بالشاهد واليمين).
قال: [لا امرأتان ويمين].
هذا رجل ادّعى أنه أقرض زيداً، وأتى بامرأتين تشهدان ويمينه، قالوا: لا يصح هنا، لأن المرأتين لا تقومان مقام الشاهد الرجل.
والصحيح وهو اختيار شيخ الإسلام ووجه في مذهب أحمد ومذهب المالكية: أن المرأتين تقومان مقام الرجل في هذا مع اليمين؛ وذلك لأن شهادة المرأتين تجعل جانب المُدّعي أقوى، وتجعل الظاهر معه، واليمين في جانب أقوى المتداعيين.
وعلى ذلك فنقبل شهادة امرأتين، مكان الشاهد الرجل مع اليمين، وهو مذهب مالك ووجه في مذهب أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولو كان لجماعة حق بشاهد حق فأقاموه فمن حلف أخذ نصيبه].
إذا كان لجماعة حق على شخص، كأن أقرضه هذا مائة، وهذا مائة، وهذا مائة حتى أكملوا له ألفاً وكانوا عشرة، فأقاموا شاهداً يشهد بما حصل، وأن هذا قد أقرضه مائة وهذا قد أقرضه مائة، فهذا شاهد واحد، وبقيت اليمين فنقول: من حلف منكم أخذ حقه، ومن لم يحلف ونكل عن اليمين لم يأخذ شيئاً، فلا تكفيه يمين صاحبه؛ لأن الحق يثبت بشاهد ويمين، فالشاهد للجميع وعلى كل واحد منهم يمين ليأخذ حقه، ولذا قال: قال: [ولا يشاركه من لم يحلف؛ لأنه لا حق له فيه].