للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مراجعة المرأة بعد البينونة الكبرى]

قال: [فصل: وإذا طلق الحر ثلاثاً أو طلق العبد اثنتين لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً] أي: لابد من نكاح صحيح لا نكاح فاسد؛ لأن الله جل وعلا يقول: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة:٢٣٠] وعلى ذلك فلو أنها نكحت نكاحاً بلا ولي لم تحل للزوج الأول، لأنه نكاح فاسد.

قال: [ويطأها في قبلها مع الانتشار]، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك)، والعسيلة هي حلاوة الجماع، والحديث في الصحيحين.

وعلى ذلك فإذا تزوجها زوج آخر فلا تحل للأول حتى يطأها الزوج الثاني، يعني: حتى يجامعها.

وقوله: [مع الانتشار]، أي: مع انتشار الذكر، لأن الذكر إذا لم يكن منتشراً لم يكن قد ذاق عسيلتها.

قال: [ولو مجنوناً]، أي: ولو كان الزوج الثاني مجنوناً، [أو نائماً] استدخلت ذكره في فرجها وهو نائم لكن ذكره منتشر.

قال: [أو مغمى عليه وأدخلت ذكره في فرجها]، وكان منتشراً كما تقدم، [أو لم يبلغ عشراً] أي: ولو كان دون عشر سنين، لكنه جامعها، [أو لم ينزل] لأن العسيلة تنال ولو لم ينزل، فتحصل لذة النكاح ولو لم ينزل، فلا يشترط الإنزال حتى تحل للزوج الأول.

قال: [ويكفي تغييب الحشفة]، وهي أعلى الذكر، [أو قدرها من مجبوب]، يعني مجبوب الحشفة فيكفي قدر الحشفة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل).

قال: [ويحصل التحليل بذلك]، لكن لابد أن لا يكون قد نوى التحليل كما تقدم.

إذاً: إذا وطئها فغيب حشفته وكان ذكره منتشراً ولو كان صغيراً أو مجنوناً فإنها بذلك تحل للأول إن طلقها هذا الثاني.

قال: [ما لم يكن وطؤها في حال الحيض أو النفاس أو الإحرام أو في صوم الفرض].

لو كان قد عقد عليها لكنه وطئها في رمضان أو وطئها وهي حائض أو وطئها في حال النفاس، قالوا: هذا وطأ محرم، فلا تحل به للثاني.

والصحيح وهو من مذهب الأحناف والشافعية واختيار الموفق أنه يحصل به التحليل؛ لأنه حصل المقصود فقد ذاق عسيلتها، وأما كونه يأثم فهذا أمر آخر.

وعلى ذلك فلو وطأها في حال حيضها أو طأها في حال صيام فرض فإنها تحلل للأول لكنهما يأثمان، أي: تأثم هي إن كانت قد رضيت ويأثم الزوج الثاني إن كان يعلم وهو مكلف.

قال: [فلو طلقها الثاني وادعت أنه وطئها وكذبها فالقول قوله في تنصيف المهر].

لو أن امرأة طلقها زوجها ثم عقد عليها آخر، ثم طلقها الآخر، فادعت هي أنه وطئها، فكذبها وقال: ما وطئت، فإنها تحل للأول لأن القول قولها في ذلك، لكن في باب تنصيف المهر فالقول قول هذا الزوج حتى لا يظلم، فتعطى نصف المهر، وأما ما يتعلق بالوطء فيقبل قولها في الوطء وبذلك تحل للأول.

ولذا قال المؤلف: [فلو طلقها الثاني وادعت أنه وطئها وكذبها فالقول قوله هو في تنصيف المهر]؛ لأنه هو الغارم.

قال: [وقولها في إباحتها للأول]، فتباح للأول.

ونقف عند هذا القدر، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.