[أحكام النفقة على البهائم]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصل، وعلى مالك البهيمة إطعامها وسقيها].
هذا الفصل من كتاب النفقة في نفقة البهيمة، فعلى مالك البهيمة إطعامها وسقيها، قال عليه الصلاة والسلام: (دخلت النار امرأة في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض)، متفق عليه.
وعلى ذلك فيجب أن يطعم هذه البهيمة وأن يسقيها، وإذا احتاجت إلى دواء فيجب أن يداويها.
قال: [فإن امتنع أجبر]، أي: إن امتنع فإنه يجبر على ذلك، لأن هذا واجب عليه، [فإن أبى أو عجز]، أي: قال: ما عندي مال أشتري به علفاً لهذه البهيمة، [فإنه يجبر على بيعها]، فنقول: خذها إلى السوق وبعها.
[أو إجارتها إن كانت مما يؤجر] فإنه يؤجرها، كأن تكون بقرة لدياس الحبوب، أو أن تكون ناقة تركب فيؤجرها، [أو ذبحها إن كانت تؤكل]، إن كانت شاة نقول: اذبحها وكلها ولا تعذب هذا الحيوان بالجوع.
إذاً: يخير بين هذه الثلاث: فإما أن يبيعها أو يؤجرها أو يذبحها إن كانت مما يؤكل، فإن كانت مما لا يؤكل فإنها لا تذبح، بل يخير بين بيعها أو إجارتها.
قال: [ويحرم لعنها]، لعن البهيمة حرام، ولذا جاء في صحيح مسلم أن امرأة لعنت ناقتها في سفر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (خذوا ما عليها واتركوها فإنها ملعونة)، والأشبه عندي والله أعلم أن ذلك من باب التعزير المالي، يعني: يعزر هذا المالك بأن يتركها لأنه لعنها.
قال: [وتحميلها مشقا]، لا يجوز أن تحملها ما يشق عليها، فإذا كان الحمار يحتمل كذا وكذا من الحمل فلا تحمله ما يشق عليه، لأن ذلك إضرار به، والإضرار محرم.
قال: [وحلبها ما يضر ولدها]، لأنه لا ضرر ولا ضرار، فإذا كان هذا يضر بولدها فليس لك أن تحلبها بما يضر ولدها لأن هذا تعذيب للولد.
قال: [وضربها في وجهها ووسمها فيه]، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ضرب الوجه، ونهى عليه الصلاة والسلام عن وسم الوجه كما جاء في صحيح مسلم، فعلى ذلك فالذين يسمون الإبل أن يسموها على العنق أو على الفخذ أو على اليد، وليس لهم أن يسموها على الوجه فإن ذلك محرم.
قال: [وذبحها إن كانت لا تؤكل]، أي: ليس له أن يذبحها إن كانت لا تؤكل، لأن في ذلك تعذيباً لها وإضاعة للمال، وأما إذا كانت تؤكل فإنه يذبحها.
قال: [ويجوز استعمالها في غير ما خلقت له]، يقول: لك أن تستعملها في غير ما خلقت له إذا كان ذلك لا يعذبها ولا يشق عليها ولا حرج في ذلك، فلو أنه ركب مثلاً بقرة وكان ضعيف البنية ولا يضرها فلا حرج في ذلك.
إذاً: إذا كان بحيث لا يضرها فله أن يستعملها في غير ما خلقت له، فلو استخدم الإبل في دياس الحقول فلا بأس بذلك ولا حرج.