إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فنسأل الله جل وعلا أن تكون هذه الدورة مباركة على الجميع، مباركة على من نظّمها، ومن أذِن فيها، ومن حاضر وحضر، إنه مجيب الدعاء، وأن يجعل هذا في ميزان حسنات الجميع إذ قال عليه الصلاة والسلام كما ثبت في الصحيحين:(من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).
وفي ابن ماجة:(طلب العلم فريضة على كل مسلم).
وكنا قد تدارسنا في دورات سابقة ما تيسر من أحكام البيوع وما بعد ذلك حتى وقفنا على كتاب الأطعمة.
والأطعمة: جمع طعام، والطعام: هو ما يؤكل أو يُشرب؛ قال جل وعلا:{قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[الأنعام:١٤٥].
فقوله جل وعلا:{قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً}[الأنعام:١٤٥] الميتة تؤكل وقوله: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}[الأنعام:١٤٥] الدم يُشرب، فدل هذا على أن الطعام في اللغة: هو ما يؤكل أو يُشرب.
وقال الله جل وعلا في سورة البقرة على لسان طالوت وهو يتكلم عن النهر:{وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي}[البقرة:٢٤٩] فدل ذلك على أن ما يؤكل أو يُشرب فإنه طعام.
والأصل في الأطعمة الحِل؛ قال الله جل وعلا:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة:٢٩]، دلت هذه الآية الكريمة على أن الأصل فيما خلقه الله جل وعلا أنه لنا حلال مباح، ومن ذلك ما يؤكل ويُشرب من الأطعمة.