واعلم أن القتل تتعلق به حقوق ثلاثة: الحق الأول: حق الله جل وعلا، فهذا القاتل قد تعدى حدود الله بإتيانه ما نهى الله عنه من قتل النفس المعصومة، وهذا الحق يزول بالتوبة أو المغفرة؛ لأن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فهو غافر الذنب وقابل التوب، أي: غافر الذنب وإن لم يتب صاحبه.
وقابل التوب، فمن تاب ولو كان مشركاً فإن الله عز وجل يقبل توبته، وكونه غافر الذنب يعني: أنه يغفر الذنب الذي يكون دون الشرك، وإن لم يتب صاحبه؛ لأن ذلك تحت المشيئة إن شاء الله عذبه، وإن شاء غفر له، هذا هو الحق الأول.
الحق الثاني: حق المقتول، وحق المقتول إذا تاب القاتل يكون برفعة درجته في الآخرة، فيرفع الله درجة هذا القتيل، ويكفر عنه سيئاته.
وإذا لم يتب القاتل فإن المقتول يأخذ من حسناته، أو يضع هذا القتيل من سيئاته إلى سيئات هذا القاتل.
الحق الثالث: وهو حق الأولياء، وحقهم يكون بالقود أو الدية، قال عليه الصلاة والسلام كما ثبت في الصحيحين:(من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يعطى أو يقاد) يعني: إما أن يعطى الدية أو يقاد له من القاتل، فيكون له القصاص، فهو بخير النظرين، إن شاء أخذ الدية، وإن شاء اقتص من قاتل وليه.
هذه الحقوق الثلاثة كلها تترتب على قتل النفس التي حرم الله.