الثالث أن يدفع بها ضرراً عن نفسه
قال: [الثالث: أن يدفع بها ضرراً عن نفسه].
إذا كانت الشهادة فيها دفع ضرر عن النفس فلا تُقبل، أي: إذا كان يترتب عليها دفع ضرر عن نفسه فلا تُقبل؛ لأنه متهم.
قال: [فلا تُقبل شهادة العاقلة بجرح شهود قتل الخطأ]، كأن شهد اثنان على رجل بأنه قتل فلاناً خطأ، وعليه فإن العاقلة هي التي يلزمها بدفع الدية، فجاءت العاقلة وجرحت الشهود، نقول: لا تُقبل شهادتهم في طعن الشهود؛ لأنهم يريدون دفع الضرر عن أنفسهم، فهم لا يريدون أن يدفعوا دية، فلا تُقبل شهادتهم.
يعني: عندنا رجل قتل رجلاً ولم يقر بأنه قتل، وشهد اثنان زيد وعمرو أنه قد قتل خطأ، فالقاضي يطالب العصبة بالدية، فالعصبة هنا أتوا وقالوا: إنا نطعن في الشهود.
فنقول: أنتم شهادتكم في طعن الشهود لا تُقبل، ائتوا بشهود آخرين من غيركم يشهدون أن هؤلاء الشهود لا يصلحون للشهادة.
قال: [ولا شهادة الغرماء بجرح شهود دين على مفلس]، فإذا كان هذا الرجل مفلساً وجاء زيد وعمرو وادّعى كل واحد منهم أن عنده له خمسين ألفاً، فالقاضي في الأصل يحصي مال المفلس ويوزعه على غُرمائه بقدر حصصهم، فإذا لم يجد عنده مثلاً إلا مائة ألف ريال، وغرماؤه أربعة كل واحد يريد خمسين ألفاً، فإنه يُعطي كل واحد خمسة وعشرين ألفاً والباقي في الذمة.
فالآن أحصى ماله ووجده مائة ألف ريال وزيد يريد خمسين ألفاً وعمرو يريد خمسين ألفاً، وبكر وعبد الله كل واحد منهم يريد كذلك خمسين ألفاً، وكانا هما اللذين طالبا بالدين حتى حُجر عليه، فإذا سلما من زيد وعمرو أخذا حقهما كاملاً.
فالمفلس لم يقر أن لزيد وعمرو لكل واحد منهما خمسين ألفاً، فلو جاء الغرماء وقالوا: إن شهود الحق الذي لزيد وإن شهود الحق الذي لعمرو لا يصلحون للشهادة، فنحن نطعن بهم.
نقول: نحن لا نقبل طعنكم؛ لأن هذا الطعن أنتم متهمون فيه، لأنكم تُريدون أن تدفعوا الضر عن أنفسكم.
قال: [ولا شهادة الضامن لمن ضمنه بقضاء الحق أو الإبراء منه].
الكفيل الغارم أتى يشهد أن مكفوله قد قضى الدين، فلا تُقبل الشهادة، لأنه يريد إبراء ذمته، لأن الضامن يتعلق الدين بذمته.
قال: [وكل من لا تُقبل شهادته له لا تُقبل شهادته بجرح شاهد عليه]؛ لما تقدم.
يعني: جاء رجل يشهد على والدك، ثم أتيت أنت شاهداً من الشهود الذين يطعنون في هذا الشاهد، فلا نقبل ذلك؛ لأن شهادتك لوالدك لا تُقبل فكذلك طعنك بالشاهد عليه.
ادّعى زيد أنه أقرض أباك ألف ريال وأتى بشاهد أو بشاهدين، فأتيت تشهد أن الشاهدين اللذين شهدا على أبيك من أهل الفجور، وأنهما يشربان الخمر تريد أن يسلم أبوك من القرض، فلا تُقبل شهادتك، فكما أن شهادتك له لا تُقبل، فطعنك في الشهود الذين يشهدون عليه كذلك لا يقبل.