للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تغليظ اليمين]

قال: [فصل: وللحاكم تغليظ اليمين فيما له خطر] يعني إذا كان الأمر له خطر فله أن يغلّظ اليمين، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجوب تغليظ اليمين إذا رأى القاضي المصلحة في ذلك؛ لأن ذلك وسيلة لتحصيل الحق لصاحبه.

يقول: [كجناية لا توجب قوداً] لأن الجناية التي توجب القود -وهو القصاص- لا يمين فيها، لكن إذا كان قتل خطأ كما لو ادعوا أن فلاناً قد قتل مورثهم يريدون الدية! فهنا تتوجه اليمين؛ لأن هذا حق لآدمي يُقصد منه المال، فللقاضي أن يطلب تغليظ اليمين، يقول: احلف مثلاً عند منبر المسجد، وإذا كنت في مكة قال: بين الباب وبين الركن، أو احلف بعد صلاة العصر يغلّظ اليمين.

[وعتق ومال كثير قدر نصاب زكاة]، يريد منه مائة ألف ريال مثلاً فللقاضي أن يغلّظ اليمين، لكن لو كان لا يريد منه إلا مائة ريال لا تغلظ اليمين بمثل هذا.

قال: [فتغليظ يمين المسلم أن يقول: والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، الطالب الغالب، الضار النافع، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور] يحلف هذه اليمين التي فيها تغليظ.

قال: [ويقول اليهودي] أي: إذا توجهت اليمين إلى يهودي يعيش في بلادنا ورُجع إلى القاضي.

[والله الذي أنزل التوراة على موسى، وفلق له البحر، وأنجاه من فرعون وملئه.

ويقول النصراني: والله الذي أنزل الإنجيل على عيسى وجعله يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص]، هذا تغليظ من جهة اللفظ.

قد يكون التغليظ من جهة الزمان، وذلك بأن يحلف بعد صلاة العصر، قال الله جل وعلا: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ} [المائدة:١٠٦] قال عامة المفسرين: يعني من بعد صلاة العصر.

وقد يكون التغليظ -كما تقدم- في المكان عند المنبر، ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من حلف على منبري يميناً آثمة فليتبوأ مقعده من النار) رواه أبو داود وهو حديث صحيح.

[ومن أبى التغليظ لم يكن ناكلاً]، إذا قال: لا أحلف إلا يميناً لا تغليظ فيها لا يُعد ناكلاً.

والصحيح وهو اختيار شيخ الإسلام أنه يُعد ناكلاً؛ لأنه إذا كان يأبى التغليظ ونقبل ذلك منه ولا نعده نكولاً فلا فائدة إذاً من تغليظ اليمين.

قال: [وإن رأى الحاكم ترك التغليظ فتركه كان مصيباً].

يعني: إذا رأى أن يترك التغليظ فتركه فإنه يكون مصيباً، يعني أن الأمر يرجع إلى القاضي.