قال:[السادس: أن لا يقع بلفظ الطلاق بل بصيغته الموضوعة له]، كأن يقول: خالعتك، فلو دفعت له الدراهم وقال: طلقتك، فالمشهور في المذهب أنها تحسب طلقة، والخلع كما سيأتي فسخ لا ينقص به عدد الطلاق، لكن إذا كان بلفظ الطلاق فإنه يحتسب من الطلاق.
دفعت له الدراهم وقال: أنت طالق، ثم بدا له أن ينكحها، فنكحها بولي وشاهدي عدل وتوفرت شروط النكاح وتوفرت أركانه، فإنها تحسب عليه طلقة ويبقى له طلقتان، وعن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن قيم الجوزية أن الخلع ولو كان بلفظ الطلاق فهو خلع لا ينقص به عدد الطلاق، وهذا هو الراجح وذلك لأن الخلع فسخ، وهو طلاق مقيد لأنه مقيد بعوض، وليس هو الطلاق المطلق الذي لا عوض فيه، ففرق بين هذا وهذا، ولذا فإن الله جل وعلا قال في كتابه الكريم:{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ}[البقرة:٢٢٩] ثم قال بعد ذلك: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة:٢٢٩] ثم قال بعد ذلك: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ}[البقرة:٢٣٠].
فالخلع ليس بطلاق لأن الخلع لو كان طلاقاً لكان قد طلقها أربعاً، فقال الله جل وعلا:{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ}[البقرة:٢٢٩] ثم قال بعد ذلك: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة:٢٢٩] ثم قال بعد ذلك: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ}[البقرة:٢٣٠] ففرق الشارع بين الطلاق وبين الخلع.
والعبرة بالمعاني والمقاصد، لا بالألفاظ والمباني، فهذا طلاق على عوض وليس هو الطلاق المطلق الذي لا عوض فيه، وعلى ذلك فالصحيح وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم ورواية عن الإمام أحمد أن الخلع فسخ لا ينقص به عدد الطلاق وإن كان بلفظ الطلاق.
ويدل على هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام قال للمرأة كما في الحديث المتقدم:(أتردين إليه حديقته؟ قالت: نعم، قال: خذ الحديقة وطلقها تطليقة)، وقال في النسائي:(أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد بحيضة)، والطلاق عدته ثلاث حيض اتفاقاً، وقد قال:(طلقها تطليقة).
فدل ذلك على أن الخلع ولو كان لفظ الطلاق فهو فسخ، ولذا فإن المرأة تعتد بحيضة كما سيأتي تقريره إن شاء الله في كتاب العدد.