[تحديد المجمل المحدد بشيء محتمل]
قال: [فصل: إذا قال: له عليّ ما بين درهم وعشرة لزمه ثمانية].
لأن الذي بين الدرهم والعشرة ثمانية.
[ومن درهم إلى عشرة] لزمه تسعة؛ لأن العشرة غاية فلا تدخل، وعلى ذلك فيكون عليه تسعة، وكما ذكرت لكم أن الصحيح أنا نرجع إلى عادة الناس في نطقهم.
قال: [وما بين درهم إلى عشرة لزمه تسعة]؛ لأنه جعل العشرة غاية.
قال: [وله درهم قبله درهم وبعده درهم] يكون المجموع ثلاثة فيلزمه ثلاثة دراهم.
[أو درهم ودرهم ودرهم لزمه ثلاثة، وكذا] لو قال: له [درهم درهم] درهم تكون ثلاثة، إلا إذا قال: أنا أريد التأكيد يعني ليس إلا وحداً لكني أريد التأكيد، فنقبل تفسيره أيضاً، ولذا قال: [فإن أراد التأكيد] أي: في قوله: درهم درهم درهم [فعلى ما أراد].
قال: [وله درهم بل دينار لزماه] كلا الاثنين.
إن قال: له عليّ درهم بل دينار نقول: إذاً: له عليك درهم ودينار، لأن الإضراب رجوع عمّا أقر به، والرجوع عن الإقرار لا يُقبل في حق الآدمي.
إذاً لما قال: له عليّ درهم أثبتنا الدرهم ولا نقبل الرجوع عنه؛ لأن الرجوع عن حق الآدمي لا يُقبل، وقال: دينار فنثبت عليه الدينار أيضاً.
قال: [وله درهم في دينار لزمه درهم] لأن الدرهم يدخل في جملة الدينار [فإن قال: أردت العطف] أي: درهم ودينار نقول: إذاً عليك درهم ودينار.
[أو معنى مع لزماه] أي: قال: أنا أردت في قولي: له درهم في دينار، أنه له درهم مع دينار، نقول: عليك دينار ودرهم.
قال: [وله درهم في عشرة لزمه درهم]؛ لأنه جعل العشرة كالظرف محلاً فلا يلزمه إلا درهم، [ما لم يخالفه عرف] تقدم هذا، وأن عرف الناس في نطقهم يُرجع إليه، ولذا قال: [فيلزمه مقتضاه] أي العرف.
يعني: ذكرت عند قوله: له عليّ درهم بل دينار قصة.
ذكروا أن رجلاً ذهب إلى بلد، وكان في غاية الاحتيال، فاشتد عليه الجوع والحاجة، فذهب ومعه صاحباه إلى رجل يضع الناس عنده أماناتهم، فقال: أيها الرجل أعطني الأمانة التي وضعتها عندك وقدرها ألف دينار! قال: ليس لك عندي أمانة قال: إن فلاناً يشهد وفلاناً يشهد، إذا لم تُعطني ذهبت إلى القاضي غداً.
قال: اذهب إلى القاضي، وكان له جار أيضاً يحفظ الأمانات مثله، قال: أنا سأذهب معك وسأحتال عليهم.
فلما جلسوا أمام القاضي قالوا: أيها الشيخ إن هذا الرجل قد أخذ منا أمانة وإنه يجحدها ويشهد لي فلان وفلان وهم عدول، فأراد صاحبه الآخر الذي يحفظ الأمانات أن يُربكهم وأن يشككهم قال: انظروا إلى وجهي ألا تظنون أنكم أعطيتموني أنا! يريد أن يشككهم؛ لأنه إذا حصل عندهم الشك في هذا الموقف فإن القاضي يتبين له كذب هذا وكذب الشهود فكانوا أشد منه حيلة قالوا: أيها القاضي هذا الرجل رجل صالح ويُقر بالأمانة الأخرى التي عنده لكن حقنا نريده من هذا، ولكن مع ذلك اكتب إقرار هذا الرجل حتى لا يضيع حقنا، فهذا مثل هذا الرجل الذي قال: له عليّ درهم بل دينار.
قال: [فيلزمه مقتضاه، أو يريد الحساب ولو جاهلاً فيلزمه عشرة].
لو قال: له عليّ واحد في عشرة وهو يريد الحساب، فواحد في عشرة تساوي عشرة.
[أو يريد الجمع فيلزمه أحد عشر]؛ لأن: واحد زائد عشرة تساوي أحد عشر.
[وله تمر في جراب، أو سيف في قراب، أو ثوب في منديل ليس بإقرار بالثاني].
لو قال: إن لفلان عندي سكيناً في قراب - وهو ما تُغمد فيه السكين- فهل يكون هذا إقراراً بالقراب؟
الجواب
لا، إنما هو إقرار بالسكين، ولو قال: له عندي تمر في صندوق أو في جراب أو في إناء، فهل يكون إقراراً بالإناء؟ لا، وإنما يكون إقراراً بالتمر فقط.
قال: [وله خاتم فيه فص أو سيف بقراب، إقرار بهما]؛ لأن الأول جعلهما ظرفاً وهو إنما يقر بالسكين لا يُقر بالظرف.
بخلاف ما هنا فالباء بمعنى مع، فهو أقر بهما.
قال: [وإقراره بشجرة ليس إقراراً بأرضها].
لو قال: أنا أقر أن النخلة التي في بستاني هذا لزيد، هل يكون هذا إقراراً بالأرض التي فيها هذه النخلة؟ الجواب: لا؛ لأنه قد يبيع النخلة ليحملها هذا أو ليتركها، فلا يُعد إقراراً بالأرض.
قال: [فلا يملك غرس مكانها لو ذهبت] لأنه إنما يقر له بالنخلة ولا يقر له بالأرض، [ولا أجرة ما بقيت] أي: ما بقيت هذه النخلة لا يستحق عليها أجرة؛ لأنه إنما أقر أنها له، والأجرة شيء آخر.
قال: [وله عليّ درهم أو دينار يلزمه أحدهما ويعيّنه]، أي: يلزمه أحدهما إما الدرهم وإما الدينار، وهو يعيّن فنقول له: عيّنه.