للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم من وطئت بشبهة أو نكاح فاسد وهي في العدة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصل].

هذا الفصل في عدة النكاح غير الصحيح، يعني في عدة المرأة إذا زني بها أو عقد عليها عقداً فاسداً أو وطئت في شبهة، فهذا الفصل إذاً داخل في كتاب العدد.

قال رحمه الله: [وإن وطئ الأجنبي بشبهة]، كأن يطأ امرأة يظنها زوجته.

[أو نكاح فاسد] ولا يعتقد صحته، كما لو نكح امرأة بلا ولي وهو يعتقد أنه لابد من الولي، أما إن كان حنفياً يعتقد صحة النكاح بلا ولي فإن هذا النكاح نكاح صحيح في اعتقاده.

[أو زنا من هي في عدتها أتمت عدة الأول].

أولاً: ما هي عدة المزني بها، وما هي عدة من نكحت في نكاح فاسد لا تعتقد صحته، ومن وطئت بشبهة؟ المشهور في المذهب أن عدتها ثلاث حيض كالمطلقة.

والقول الثاني في المسألة وهو رواية عن الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية: أن عدتها حيضة؛ لأن المقصود استبراء رحمها، وهذا يحصل بحيضة، فإذا اعتدت بحيضة علمنا أن رحمها بريء.

وأما الآية وهو قوله جل وعلا: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:٢٢٨] فهذا في المطلقات اللاتي هن أزواج، وأما المزني بها فليست بزوجة، وكذلك من نكحت بعقد فاسد، وكذلك من وطئت بشبهة.

وقياساً على المختلعة على الصحيح؛ فقد تقدم أن الصحيح أن عدتها حيضة، كما جاء هذا في سنن النسائي.

هذا رجل وطئ امرأة بشبهة كما قال المؤلف: (وطئ أجنبي امرأة بشبهة أو نكاح فاسد أو زنا من هي في عدتها)، فما الحكم؟ قال: تتم عدتها من الأول.

هذه امرأة قد طلقها زوجها فهي تعتد منه بثلاث حيضات، ثم إنه زني بها، أو وطئها رجل يظنها امرأته، أو عقد عليها ووطئت فالحكم أن تتم عدة الأول، فنقول: كم حضت قبل أن يطأك هذا الذي قد وطئك؟ قالت: كنت قد حضت حيضتين، فنقول لها: بقي حيضة وبذلك تتمين عدة الأول، ثم تعتدين للثاني ثلاث حيضات على المذهب، وقلنا: إن الراجح أنها تعتد بحيضة واحدة.

ونكاح المرأة في عدتها محرم وباطل، فإذا نكحها في عدتها ووطئها فرقنا بينهما وأمرناها أن تتم عدة الأول [ثم تعتد للثاني]، وهل يجوز أن ينكحها في عدتها منه أم لا؟ قولان: أصحهما وهو مذهب الشافعية واختيار الموفق خلافاً للمشهور في المذهب أن له ذلك، لأن العدة له هو، فالعدة لحقه، وما دام أن العدة له فلا مانع أن ينكحها ويطأها.

أوضح هذا بمثال: طلق زيد أسماء فلما كانت في عدتها وقد حاضت ثلاث حيض وقبل أن تغتسل عقد عليها عمرو ووطئها، فهذا نكاح فاسد فنفرق بينهما، فإذا اغتسلت تشرع في عدة الثاني، وهي حيضة واحدة، فإن قال الثاني: أنا أريد أن أنكحها وهذه العدة لي، فالمشهور في المذهب أن ذلك لا يصح، والقول الثاني: أنه يصح لأن العدة له، وهذا هو الراجح وهو اختيار الموفق.

مثال آخر: نكح رجل امرأة بعد أن حاضت حيضة واحدة من عدتها من الأول، فنفرق بينهما لأن نكاح المعتدة باطل، ويبقى لها من عدتها من الأول حيضتان، فإذا حاضت حيضتين شرعت في عدتها من الزوج الثاني، فإذا أراد الثاني أن ينكحها نقول: هذه عدته، فالصحيح أن ذلك لا بأس به خلافاً للمشهور في المذهب.

وهذه المسألة وهي أن تعتد للأول ثم تعتد للثاني، دل عليها قول علي رضي الله عنه في موطأ مالك وقول عمر كما في البيهقي ولا يعلم لهما مخالف.