قال:[ومتى اغتسلت من الحيضة الثالثة ولم يرتجعها بانت ولم تحل له إلا بعقد جديد]، لأن الله جل وعلا قال:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}[البقرة:٢٢٨].
[وتعود على ما بقي من طلاقها].
هذا رجل طلق امرأته طلقة واحدة ثم تركها حتى انقضت عدتها ثم عقد عليها عقداً جديداً، فإنها تعود ومعها طلقتها السابقة، ويبقى له طلقتان، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم.
فإن طلقها طلقة واحدة فانقضت عدتها ثم تزوجت زوجاً آخر، ثم طلقها الزوج الآخر ثم راجعها زوجها الأول، أي: عقد عليها عقداً جديداً؛ رجعت كذلك بطلقتها وبقي له طلقتان عند جمهور العلماء، وعليه أكابر الصحابة، كما قال الإمام أحمد، وقد ثبت أن عمر في مصنف عبد الرزاق.
وقال الأحناف: بل تعود ولا يحسب عليها طلاق سابق، وعلى ذلك فيبقى له ثلاث طلقات، قالوا: لأن المرأة إذا تزوجها زوج آخر وقد طلقت ثلاثاً فإنها تعود من غير أن يحسب عليها شيء من الطلاق السابق، فهنا كذلك.
وقال الجمهور وهو الراجح: بين المسألتين فرق، فالزوج هناك مؤثر لأنها لم تحل له حتى تنكح، وهنا وجود الزوج كعدمه، لأنها تحل له ولو لم تنكح، أي: أن نكاحها ليس شرطاً في رجوعها إليه.
قالوا: ولأنه لو شرطنا ذلك لعادت بثلاث، والتي تعود بثلاث لا تحل، بخلاف التي قد طلقت طلقة واحدة أو طلقتين فإنها تعود وقد بقي لها طلقة أو قد بقي لها طلقتان.
وعلى ذلك فالصحيح: أن المرأة إذا طلقها زوجها طلقة أو طلقتين ثم نكحت فإنها ترجع ويحسب الطلاق السابق، وهذا هو قول الجمهور، وإذا عادت بعقد فقط من غير أن تنكح فلا خلاف بين أهل العلم في أنها ترجع والطلاق السابق محسوب عليها.
أما إذا نكحت زوجاً آخر حيث تم طلاق السابق ثلاثاً، فإنه لا خلاف بين أهل العلم في أنها تعود من غير أن يحسب عليها شيء من الطلاق.