[الحال الثالثة]
قال: [الثالث] أي: الحال الثالثة: [أن تكون بيديهما جميعاً، كشيء كل ممسك ببعضه].
دابة هذا ممسك بجانبها وهذا ممسك بجانبها، هذا يقول هي لي، وهذا يقول هي لي مثلاً هما في السوق، هذا وضع يده على هذه الدابة وهذا وضع يده عليها، وكل يقول: هي لي إذاً: لا يمكننا أن نقول هي بيد هذا ولا يمكننا أن نقول هي بيد هذا دون الآخر، بل هي بيد الاثنين جميعاً.
قال: [فيتحالفان ويتناصفانه]، كالمسألة السابقة؛ للحديث المتقدم، لأن يد هذا عارضت يد هذا، فتساقطتا، وعلى ذلك فنقول: كما لو لم تكن هناك يد فيتناصفان.
[فإن قويت يد أحدهما] أي: كانت يد أحدهما أقوى [كحيوان واحد سائقه والآخر راكبه] فالراكب أقوى من السائق، [أو قميص واحد آخذ بكمه والثاني لابسه، فللثاني بيمينه] أي: نحكم به للثاني لأن يده أقوى، يعني نأخذ للراكب هنا، ونأخذ للابس؛ لأن يده أقوى.
[وإن تنازع صانعان في آلة دكانهما]، عندنا صانعان في الورشة اختلفا، [فآلة كل صنعة لصانعها]، فآلة الحدادة تكون للحداد، وآلة النجارة تكون للنجار، وآلة الميكانيكا تكون للميكانيكي، وهكذا.
قال: [ومتى كان لأحدهما بيّنة فالعين له]، إن قال النجار: نعم هذه آلة حدادة؛ لكنها لي وعندي بيّنة تشهد أنها لي، والآخر لا بيّنة له! فلا شك أن البيّنة تُقدّم.
قال: [فإن كان لكل منهما بيّنة به وتساوتا من كل وجه تعارضتا وتساقطتا]، أي إن تنازعا في عين، وهذا له بيّنة وهذا له بيّنة، فنقول: هاتان البيّنتان تعارضتا فتساقطتا وعلى ذلك [فيتحالفان ويتناصفان ما بيديهما] كما تقدم إيضاحه.
قال: [ويقترعان فيما عداه]، كم بقي عندنا حال؟ قد ذكر أن تكون بيديهما جميعاً، وأن تكون بيد أحدهما، وأن لا تكون بيد أحد منهما، فبقي أن تكون بيد أجنبي، يعني أن تكون بيد طرف ثالث وليست بيد هذا ولا بيد هذا، فما الحكم؟ قال: [ويقترعان فيمن عداه، فمن خرجت له القرعة فهو له بيمينه].
يعني إذا كانت هذه السلعة ليست بيديهما جميعاً بل هي بيد ثالث فإنهما يقترعان، فمن خرجت القرعة له فهي له بيمينه.
ويدل على ذلك ما جاء في سنن أبي داود: (أن رجلين اختلفا في عين وجاء كل واحد منهما ببيّنة، فقضى النبي عليه الصلاة والسلام أن يستهما).
وجاء في سنن أبي داود: (أن رجلين اختلفا ولم يكن لأحد منهما بيّنة، فأمرهما النبي عليه الصلاة والسلام أن يستهما أحبا أو كرها).
والحديث الأول رواه الشافعي أيضاً، وأما هذا فهو في أبي داود.
إذاً: إذا كانت العين ليست بيد الطرفين وليس لهما بيّنة، أو لكل منهما بيّنة بحيث إن بيّنة هذا تعارض بينة هذا، فيستهمان ومن خرجت القرعة له قلنا: هي لك بيمينك.