ثم قال:[السادس: ما لا يطّلع عليه الرجال غالباً كعيوب النساء تحت الثياب] كالبرص [والرضاع] أي: وفي إثبات الرضاعة، [والبكارة والثيوبة والحيض، وكذا جراحة وغيرها في حمام وعرس]، يعني: في حمام للنساء وفي عرس للنساء، [ونحوهما مما لا يحضره الرجال]، يعني غالباً؛ [فيكفي فيه امرأة عدل].
فهذه المسائل تكفي فيها شهادة امرأة واحدة إذا كانت تتصف بالعدالة، ويدل على ذلك ما تقدم في قصة عقبة بن الحارث في صحيح البخاري وغيره، وأن أمة سوداء قالت:(إني قد أرضعت عقبة والتي نكح، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: كيف وقد قيل؟)، فدل ذلك على أن المسائل التي جرت العادة أن الرجال لا يطّلعون عليها تكفي فيها شهادة امرأة واحدة عدل؛ لأن الحاجة تدعو إلى ذلك، في مثل معرفة أن هذه المرأة بكر أو ثيّب، وفي مسألة الرضاع، وفي الجراح التي تكون في أماكن خاصة بالنساء.
قال:[والأحوط اثنتان]؛ لأن هذا أكمل كالرجال، لكن لما كانت النساء في العادة لا يُقدمن على الشهادة كالرجال اكتفينا بشهادة امرأة واحدة، فإذا كان عندنا شاهدتان فإن هذا أكمل.
إذاً: لو أن امرأة واحدة عدلاً شهدت أن فلانة قد أرضعت فلاناً فنقول: هو ولدها من الرضاع بشهادة هذه المرأة الواحدة المعروفة بالعدالة، ويُفرّق بينه وبين وامرأته بناء على ذلك.
لكن إذا ارتاب القاضي فله أن يُحلّف هذه المرأة، قال الله جل وعلا:{فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ}[المائدة:١٠٦]، وعليه: فإذا حصلت ريبة عند القاضي في هذه الشهادة فله أن يطلب يمينها.