أي: لما جاء في الصحيحين: (أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في الخيل).
فالحمر الأهلية هي هذه الحمر المعروفة التي تُركب، وليست الوحشية ذات الخطوط، فإن الوحشية من الصيد، ولذا فإن النبي عليه الصلاة والسلام لما أُهدي له حمار وحش كما في الصحيحين قال:(كلوا ما بقي من لحمه).
وفي الصحيحين:(أن الصعب بن جثامة أهدى له حماراً وحشياً)، فالحمار الوحشي صيد.
وأما الحمار الأهلي الذي يُركب فهو حرام ولو توحش، أي: لو أن الناس تركوه في البراري -ولم يتخذوه كما في هذا الزمن- حتى توحش وصار يأكل من أعشاب الأرض ويأكل ما يجد من الجيف وغير ذلك؛ فإنه يبقى حراماً باتفاق العلماء، وإنما الكلام في الحمار المتوحش الذي له خطوط، فهو نوع آخر، وهو صيد.
قال المؤلف رحمه الله:[وما يفترس بنابه كأسد، ونمر، وذئب، وفهد، وكلب، وقرد، ودب، ونمس، وابن آوى، وابن عرس، وسنور ولو برياً، وثعلب، وسنجاب، وسمّور].
فما له ناب فإنه يحرم عند الجمهور خلافاً لـ مالك، ويدل على ذلك ما ثبت في صحيح مسلم:(أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير)، وهذا زائد على ما جاء في القرآن:{قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[الأنعام:١٤٥]، فإن الآية مكية، ونهي النبي عليه الصلاة والسلام عن كل ذي مخلب من الطير، وكل ذي ناب من السباع إنما كان في المدينة.
وما ذكر المؤلف رحمه الله هنا من الحيوانات فإنها كلها تحتاج إلى تحقيق المناط، فما كان ذا ناب يفترس به فهو حرام؛ لأن بعض هذه الأنواع قد نجهلها ولا نجزم بأنها ذات ناب حتى نتحقق من ذلك إما بأنفسنا أو بسؤال أهل الخبرة، فالمقصود من ذلك أن ما كان فيه ناب يفترس به فهو حرام.
وذكر المؤلف السنور، والسنور الهرة، ويدل على تحريم أكل الهرة نهي النبي عليه الصلاة والسلام عن ثمنها وبيعها، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن السنور، ونهى عليه الصلاة والسلام -كما في أبي داود - عن أكل الهر، ولأن لها ناباً كما تقدم.