قال:[ولا لفاسق]، الفاسق لا حضانة له، وذلك لأن المقصود من الحضانة تربيته وإصلاحه، والفاسق لا يقوم بذلك هو في نفسه، فإذا كان لم يصلح نفسه ولم يقومها فإن حضانته لأولاده كذلك، لذا فإن الحضانة لا تكون للفاسق، هذا هو قول جمهور العلماء.
واختار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي وهو كذلك اختيار ابن قيم الجوزية أن الوالد الفاسق له الحضانة، وذلك لأن الوالد له شفقة على أولاده وإن كان فاسقاً، ولذا تجد الآباء الذين ابتلوا مثلاً بالمسكرات أو ابتلوا بالوقوع في الفواحش أو شرب الدخان يشتد نهيهم لأبنائهم عن هذا، ولا يرضون لأبنائهم أن يقعوا في مثل ما وقعوا فيه؛ لأن لهم شفقة على أبنائهم لكنهم مع جلسائهم يحرصون على نقيض ذلك، فالفاسق يحب أن يوقع من يجالسه في ذلك، لكن أبناءه يبعدهم عن هذا.
لكن هناك بعض أنواع الفسق مثل الذي يشرب الخمر في بيته ويجتمع عنده الناس، فهذا قطعاً لا يصلح للحضانة، وعلى ذلك فالذي يقرر هذا هو القاضي.
فالصحيح أن القاضي ينظر إلى هذا، فنقول له: إن الأصل أن الفاسق لا حضانة له، لكن إن رأى القاضي أن هذا الأب يصلح لأنه يرى أن له شفقة على أبنائه وهو حريص على تربيتهم، كبعض الفساق حيث يتابع أبناءه في حلق التحفيظ ويتابعهم في المسجد أكثر من متابعة بعض أهل الخير، وعلى ذلك فنقول: الفاسق لا حضانة له، لكن إن رأى القاضي إبقاء الحضانة للأم أو كذلك للأب وإن كانوا فساقاً لأن المصلحة تقتضي ذلك، فلا بأس بذلك، لاسيما إذا كان الفسق موجوداً عند الطرفين.
والمقصود من الحضانة هو أن ننظر إلى الموضع المناسب لتربية هذا الطفل، فقد تكون الأم فيها خير، وقد يكون الأب عنده فسق لكنه يحفظ الابن من أمور كثيرة من الشر، بينما الأم قد لا تستطيع أن تمنع الشر عن الولد لما فيها من العاطفة، وقد يكون الأمر بضد ذلك، فيرى القاضي أن الأم فيها خير وحريصة وقوية، فهذه أمور يقررها القاضي، بالنظر إلى حال هذا وحال هذا.
وقد يرى القاضي أن هذا الابن فيه شقاء وفيه رغبة في أمور كثيرة من الشر، ويرى أن وجوده عند أبيه يحفظه أكثر من أمه؛ فهذه أمور كما تقدم يرجحها القاضي بالنظر إلى هذا، لكن الأصل عندنا أن الفاسق ليس له حضانة.
قال:[ولا لكافر على مسلم]، كذلك لا حضانة لكافر على مسلم؛ لأن الله جل وعلا قال:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}[النساء:١٤١].