[الثاني: نذر لجاج وغضب]، وهذه أيضاً من المسائل التي تخفى على كثير من الناس واللجاج: بمعنى الخصومة، يعني النذر الذي يجري مجرى اللجاج والغضب، وهو النذر الذي لا يريد المكلف في الأصل إيقاعه، إذ لا يريد أن يوقع الجزاء، وإنما يريد أن يحمل نفسه أو غيره على شيء، أو يريد أن يمنع نفسه أو غيره من شيء، أو يريد تصديق خبر، أو يريد تكذيب خبر يقول مثلاً: لله عليّ إن فاتتني صلاة الفجر في المسجد أن أتصدق بكذا وكذا يريد أن يحمل نفسه على صلاة الفجر في المسجد، وبعضهم يقول هذا كثيراً، فيقول: إن شربت الدخان فعليّ صيام سنة، وبعضهم يقول مثلاً: إن فعلت الأمر الفلاني فعليّ أن أتصدق بكذا وكذا من الدراهم! هذا يريد أن يمنع نفسه من شيء، أو يريد أن يحمل نفسه على شيء.
أو يريد أن يصدّق خبراً، أي: يؤكد صدق خبر، كأن يقول: إن لم يحصل كذا فعليّ صيام كذا، فهذا له حكم اليمين في أن فيه كفارة يمين، فالذي قال مثلاً: إن شرب الدخان فعليه صيام سنة نقول: تكفيك كفارة يمين، وإن شئت أن تصوم سنة فلا بأس، وإن كفّرت كفارة يمين فإن هذا يكفي.
ويدل على هذا ما جاء في أبي داود والنسائي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(من نذر في غضب فعليه كفارة يمين) والحديث في سنده ضعف، لكن صح ذلك عن عمر بن الخطاب كما في أبي داود، وصح أيضاً عن عائشة رضي الله عنها كما في موطأ مالك، ولا يُعلم لهما مخالف، وهذا يدل على أن للحديث أصلاً، ولأنه في معنى اليمين كما تقدم، لأنه أراد أن يؤكد الأمر.
ويسميه أهل العلم بنذر اللجاج والغضب، ولا يُشترط أن يكون في غضب؛ لكن المقصود أنه يجري مجرى اليمين في الغضب وعند الخصومة.