قال:[وصيغته الصريحة لا تحتاج إلى نية]، فإذا قال: خالعتك، فهذه صيغة صريحة، وأبنتك صيغة صريحة فلا تحتاج إلى نية.
قال:[وهي: خلعت وفسخت وفاديت]، وهذه الألفاظ التي ذكرها المؤلف على المشهور في المذهب كلها ألفاظ صريحة لا تحتاج إلى نية، لأن اللفظ الصريح يغني عن النية.
قال:[والكناية باريتك وأبرأتك وأبنتك]، فأبنتك هنا عندهم تحتمل الخلع وتحتمل الطلاق، وإذا قلنا على الراجح أنه لا فرق وأنه ولو كان بلفظ الطلاق فلا فرق بين (أبنتك) و (خالعتك).
هنا المشهور في المذهب في قوله (أبرأتك) أنه: لابد من نية لأنها تحتمل الخلع وتحتمل غيره.
قال:[فمع سؤال الخلع وبذل العوض يصح بلا نية]؛ لأن هذه قرينة، كون المرأة تسأله الخلع وتدفع له عوضاً فهذه قرينة تكفي عن النية، قال:[وإلا فلابد منها]، أي: النية.
إذاً: إذا كان اللفظ صريحاً فيكفي، وإذا كان اللفظ ليس بصريح فلابد من نية الخلع، فإذا قال: أبنتك فلابد أن يكون قد نوى في قلبه الخلع.
ويكفي عن النية هنا قرينة الحال، فسؤال المرأة الخلع قرينة حال، ودفعها للعوض قرينة حال.
قال:[ويصح بكل لغة من أهلها كالطلاق]، لأن لفظ الخلع ليس من الألفاظ التي نتعبد بها، بل يصح الطلاق بكل لغة، وكذلك الخلع.
ومن الفروق بين الخلع والطلاق أن الطلاق منه ما هو بدعي ومنه ما هو سني، ومن البدعي طلاق المرأة حال حيضها، وطلاق المرأة حال طهرها الذي جومعت فيه، وأما الخلع فإن هذا لا يكره، فإن هاتين الحالتين لا يكره فيهما الخلع، فله أن يخلع المرأة وهي حائض وله أن يخلعها في طهر قد جامعها فيه، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل المرأة المختلعة هل هي حائض أم طاهر، وهل هي في طهر قد جومعت فيه أم لا، كما أرشد ابن عمر رضي الله عنه في طلاقه إلى ذلك.
ولأن المرأة المختلعة تريد أن تدفع الضرر عن نفسها وهي لا تطيق هذا الزوج ولا تقدر أن تتربص حتى تطهر من حيضها لكراهيتها له، وقد تكون الحال تقتضي ذلك، لأن مسائل الخلع قد يدخل فيها الشفعاء أو غيرهم، وعلى ذلك فدفع الضرر عن المرأة يناسب أن يكون الحكم في الخلع في هاتين المسألتين ليس كالحكم في الطلاق، وعلى ذلك فلا يكره أن يخلعها في حال حيضها ولا في طهر قد جامعها فيه، وهذا هو المشهور في مذهب الإمام أحمد وغيره.
ونقف عند هذا القدر، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.