للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[البلوغ والعقل والنطق والحفظ]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب شروط من تقبل شهادته، وهي ستة: أحدها البلوغ فلا شهادة لصغير ولو اتصف بالعدالة].

لأن الله جل وعلا يقول: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة:٢٨٣] وهذا لا يتوجه في حق الصغير؛ لأنه غير مكلف، فلا يقال فيه إنه آثم قلبه.

ولأن الله قال: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة:٢٨٢] فدل هذا على أن الصبي لا تقبل شهادته.

[الثاني: العقل]، هذا هو الشرط الثاني؛ [فلا شهادة لمعتوه ومجنون].

المعتوه: هو ناقص العقل، يعني: ليس عقله تاماً، بل فيه شائبة جنون.

وأما المجنون: فهو الذي لا يعقل.

فلا تُقبل شهادتهما؛ لأن قول هؤلاء على أنفسهم لا يُقبل، فأولى من ذلك ألا يُقبل قولهم على غيرهم.

[الثالث: النطق فلا شهادة لأخرس] يعني: لا تقبل في الشهادة إشارة الأخرس؛ [إلا إذا أداها بخطه]، فإذا أداها بخطه قُبلت؛ لأن الخط يُقبل، فإذا عُلم أنه خط فلان قُبل، ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين عنده شيء يوصي به إلا ووصيته مكتوبة عنده) كما في الصحيحين، فدل هذا على أن الخط يُقبل، أما إشارته فلا تُقبل.

وقال الإمام مالك: بل تُقبل شهادة الأخرس ولو بإشارته، لأن الإشارة منه تقوم مقام النطق وهذا أصح.

[الرابع: الحفظ، فلا شهادة لمغفّل ومعروف بكثرة غلط وسهو].

لأنه لا تحصل الثقة بقوله، وعليه: إذا كان الرجل يُعرف بكثرة الغلط وكثرة السهو وفيه غفلة فإن شهادته لا تُقبل.