[أحكام قسمة الإجبار]
[فصل: النوع الثاني: قسمة إجبار؛ وهي ما لا ضرر فيها ولا رد عوض] ليس فيها ضرر وليس فيها رد عوض.
[وتأتي في كل مكيل وموزون]، مثلاً: يشتر كان في عشرة كيلو من البر، فهذه لا ضرر في القسمة ولا رد عوض، بل لهذا خمسة ولهذا خمسة، ولذا تسمى قسمة إجبار، لأنهما يجبران على القسمة؛ أي: ما دام أحدهما يطالب بالقسمة فيُجبر الآخر عليها؛ لأنه لا يلحقه ضرر، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا ضرر ولا ضرار).
[وفي دار كبيرة] الدار الكبيرة يمكن أن تُقسم، [وأرض واسعة، ويدخل الشجر تبعاً].
وهذا النوع ليس بيعاً، إنما هو فرز، يعني: فُرز حق هذا من حق هذا، فلا يُعد بيعاً فيه خيار مجلس وغير ذلك! بخلاف قسمة التراضي السابقة فهي بيع.
قال: [فيُجبر الحاكم أحد الشريكين إذا امتنع على القسمة؛ لأنه لا ضرر عليه، ويصح أن يتقاسما بأنفسهما أو أن ينصِّبا قاسماً بينهما] أي: أن يجعلا بينهما قاسماً.
[ويُشترط إسلامه وعدالته وتكليفه] لأنه يُلزم بقسمته فيكون كالقاضي، وعلى ذلك فلا بد أن يكون مسلماً عدلاً مكلفاً.
قال: [ومعرفته بالقسمة] أي: أن يعرف كيف يقسم، [وأجرته بينهما على قدر أملاكهما]، فإن كان هذا له النصف وهذا له النصف فالأجرة بينهما على النصفين، وإن كان لهذا الثلث ولهذا الثلثان، فهذا عليه من الأجرة الثلث وهذا عليه من الأجرة الثلثان.
قال: [وإذا تقاسما بالقرعة جاز، ولزمت القسمة بمجرد خروج القرعة] إذا تراضيا واختارا القرعة فتكون القرعة كالقاضي وكالقاسم، فما خرجت القرعة به حكمنا به ولزم، وليس لأحدهما بعد ذلك الرجوع، [ولو فيما فيه رد وضرر] أي: فإذا تراضيا على القرعة فإن القرعة تلزم إذا خرجت.
[وإن خيّر أحدهما الآخر بلا قرعة وتراضيا لزمت بالتفرق] يعني بأبدانهما، فإذا قال أحدهما للآخر: أنا أقسم وأنت تختار فقسم الدار إلى قسمين وقال له: اختر أنت، فاختار، فإنهما إذا تفرّقا بأبدانهما لزم ذلك.
[وإن خرج في نصيب أحدهما عيب جهله خُيّر بين فسخ وإمساك ويأخذ الأرش] أي: إن كان في نصيب أحدهما عيب فإنه يُخيّر إذا كان يجهل العيب، أي: لم يعرف العيب سابقاً، لأنه لم يدخل على بصيرة، ولذا فإنه يُخير بين فسخ وبين إمساك وأرش.
[وإن غُبن غبناً فاحشاً بطلت] لأن هذا الفرز قد تبيّن فساده إذا كان فيه غبن فاحش.
[وإن ادّعى كل أن هذا من سهمه تحالفا ونُقضت] إذا ادّعى أحدهما حدهأن هذا النصيب له، وقال الآخر: بل القرعة قد خرجت لي وهو نصيبي فاختلفا، فإنهما يتحالفان، فيحلف هذا ويحلف هذا، وتُنقض هذه القسمة أو هذا الفرز.
[وإن حصلت الطريق في حصة أحدهما ولا منفذ للآخر بطلت]؛ لأنه تبيّن أنها ليست قسمة عادلة، لأنه إذا كان الطريق يصل إلى هذه الجهة ولا يصل إلى تلك الجهة، فالجهة الأخرى ليس لها منفذ؛ فتكون قسمة جائرة، وعلى ذلك فتبطل.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.