قال:[فإن ارتاب منها فلا بد من المزكين لها]، أي: إن ارتاب من الشهادة فإنه يطلب المزكين.
والأصح وهو رواية عن أحمد خلافاً للمشهور في المذهب، وهو اختيار شيخ الإسلام: أنه يكفي مزك واحد، فإذا زكّاه واحد فإنه يكفي؛ لأن هذا خبر، فكان كالخبر الديني يكفي فيه واحد.
والحاصل أنه يكفي أن يأتي مزك واحد فيزكي هذا الشاهد ويزكي هذا الشاهد، والمذهب أنه لا بد من اثنين، والصحيح أن المُزكي الواحد يكفي.
قال:[فإن طلب المُدّعي من الحاكم أن يحبس غريمه حتى يأتي بمن يزكي بيّنته أجابه لما سأل وانتظر ثلاثة أيام].
إذا قال المُدّعي للقاضي: أنا قد أتيتك بشاهدين وأنت الآن تطلب من يُزكي هذين الشاهدين، فأنا أطلب أن تحبس غريمي ثلاثة أيام حتى آتي بالمُزكي، فإنه يقبل ذلك ويحبسه حتى يُحفظ حقه، وفي هذا الوقت تكفي الكفالة، يعني: أن يأتي من يكفل هذا المُدّعى عليه.
[فإن أتى بالمُزكين اعتُبر معرفتهم لمن يُزكونه بالصحبة والمعاملة]، كما تقدّم شرحه في أثر عمر رضي الله عنه؛ [فإن ادّعى الغريم فسق المزكين]، أي: قال الخصم المُدعى عليه: إني أدّعي فسق المزكين، [أو فسق البيّنة المُزكّاة، وأقام بذلك بينة سُمعت وبطلت الشهادة].
إذا قال المدعى عليه: أنا أدّعي أن هذا الشاهد، أو هذين الشاهدين ليسوا عدولاً، وأتى ببينة تدل على أن هذا معروف مثلاً بالزنا، أو معروف بشرب الخمر، أو غير ذلك مما يُفسّر الجرح، فيأتي ببينة تُثبت أن الشهود ليسوا عدولاً، أو أن المُزكّين الذين زكوا هؤلاء الشهود ليسوا عدولاً؛ سُمعت وبطلت الشهادة.
قال المؤلف:[ولا يُقبل من النساء تعديل ولا تجريح]؛ لأنها شهادة بما ليس بمال، والنساء تُقبل شهادتهن بالمال.