قال:[وتجب ضيافة المسلم على المسلم في القرى دون الأمصار].
الأمصار فيها مطاعم يمكنه أن يأتي هذه المطاعم ويأكل، وأما في القرى والبوادي -وهي التي ليس فيها أماكن يُباع فيها الطعام- فإن الضيافة تجب كما قال:[يوماً وليلة] أي: لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم ضيفه جائزته قالوا: وما جائزته؟ قال: يوم وليلة، الضيافة ثلاثة أيام فما زاد فصدقة)، يعني: وما وراء ذلك فصدقة.
فالضيافة تجب يوماً وليلة، وتُستحب ثلاثة أيام، وما زاد فصدقة، ولذا قال:[وتستحب ثلاثاً] أي: ثلاثة أيام.
واختار ابن رجب أن هذه الضيافة تجب للذمي أيضاً، وهذا هو الراجح لعموم الحديث، يعني: حتى الذمي الذي يمر على البوادي والقرى يجب أن يُكرم.
فإذا لم يُكرم فله أن يأخذ من أهل هذا البيت ما ينبغي له، يعني: ما يُضيف به، وله أن يُقاضيهم عند القاضي؛ لأن ذلك واجب له وحق له كالنفقة، ولذا قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين:(وإذا نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي له) يعني يؤخذ منهم حق الضيف من غير مفسدة، وإلا فله أن يرفع ذلك إلى القاضي ليأخذ حقه؛ لأن هذه الضيافة واجبة.
وفي هذا الزمان توجد المطاعم التي يستغني بها الناس والمارة، أما إذا لم توجد فإن الواجب على أهل البيت الذين يمر عليهم الضيف أن يُكرموا ضيفهم.
ونقف عند هذا القدر، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه