للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم قتل المسلم بالذمي إذا قتله غيلة]

إذاً: الشرط الثالث هو المكافأة، والمكافأة تكون أولاً بالإسلام، فلا يقتل مسلم بكافر، وعلى ذلك فلا يقتل المسلم بالذمي، وهذا تقدم دليله، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقتل مسلم بكافر).

فإن كان قد قتله غيلة، يعني: على غفلة وعلى حين غرة من حيث يأمن هذا الذمي، فهل يقتل به أم لا؟ فليس هذا من القتل الذي يحصل مثلاً بمشاجرة أو نحوها، بل يأتي إليه في طريق ومعه نقود فيقتله ويأخذ نقوده، وكالذين يفجرون البيوت التي يسكنها أهل الذمة ونحو ذلك، فهذه حرابة، والله جل وعلا يقول في كتابه الكريم: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا} [المائدة:٣٣] فإذا قتلوا قتلوا، وهؤلاء قد قتلوا، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وهو مذهب المالكية، وهو أن المسلم يقتل بالذمي إن قتله على حين غرة وعلى غفلة، وهذا هو قتل الخديعة، فإذا قتله خديعة وغيلة فإنه يقتل به خلافاً للمشهور في المذهب.

قال هنا: [فلا يقتل المسلم ولو عبداً بالكافر ولو حراً]: لو أن عبداً مسلماً قتل كافراً لم يقتل به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يقتل مسلم بكافر) وهذا العبد مسلم، فلا يقتل بالكافر ولو كان هذا الكافر سيداً من سادات قومه.

قال: [ولا الحر ولو ذمياً بالعبد]: يقول: الحر لا يقتل بالعبد، ولو كان هذا الحر القاتل ذمياً، والعبد المقتول مسلماً، وتقدم أن الراجح خلاف ذلك، وأن الحر يقتل بالعبد.

قال: [ولو كان العبد مسلماً]: يعني: لو أن رجلاً من أهل الذمة قتل عبداً مسلماً، فإنه لا يقتل به، وهذا ضعيف، وقد تقدم أن الراجح أن الحر يقتل بالعبد مطلقاً، كيف والحر هنا دون العبد؟ فإنه أعظم منه؛ لأنه أرفع منه بالإسلام، والإسلام أرفع من الحرية.

قال: [ولا يقتل المكاتب بعبده]، تقدم شرح هذا.

[ولو كان ذا رحمٍ محرمٍ له]: يعني: لو قتل المكاتب عبده الذي هو عمه مثلاً، أو الذي هو خاله، فإنه لا يقتل به، والصحيح كما تقدم أنه يقتل به؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من قتل عبده قتلناه).

قال: [ويقتل الحر المسلم ولو ذكراً بالحر المسلم ولو أنثى]، تقدم شرح هذا، [والرقيق كذلك].

قال: [وبمن هو أعلى منه]: وهذا واضح، والذمي كذلك يقتل بمن هو أعلى منه، يعني: يقتل الكافر بالمسلم، ويقتل العبد بالحر، وتقتل الأنثى بالذكر؛ لأنه أعلى منه، فإذا كان يقتل بمن يكافئه فأولى من ذلك أن يقتل بمن هو أعلى منه، وهذا كله تقدم شرحه وإيضاحه.