[وأما الشرط الثاني: فهو عصمة المقتول]، أي أن المجني عليه المعتدى عليه بالقتل لا بد أن يكون معصوم الدم، لا مهدراً؛ فإذا كان مهدر الدم فإنه لا يقتص في هذه الحال من قاتله.
وقد ذكر المؤلف لهذا أمثلة فقال:[فلا كفارة ولا دية على قاتل حربي].
دخل حربي إلى بلدنا بلا أمان من الحاكم، فإذا قتله أحد لم يقتل به؛ لأن هذا الحربي الذي يحاربنا دمه هدر، وهذا واضح.
قال:[ومرتد].
فإذا قتل المرتد قبل توبته فإن قاتله لا يقتل به، فلو أن رجلاً سب الله، أو سب رسوله عليه الصلاة والسلام فقتله رجل لم يقتل به، لكن ليسلم دمه لا بد أن يأتي ببينة تثبت أن هذا الرجل قد ارتد عن الدين.
ومع ذلك لو أتى بالبينة فإن الحاكم يعزره، وذلك لأنه افتأت عليه، لأن إقامة الحدود للإمام، وليس لآحاد الناس أن يقيموا الحدود، ولا أن يقتلوا المرتدين، وعلى ذلك فإنه يعزر بما يراه الحاكم لكنه لا يقتل؛ وذلك لأن المقتول ليس بمعصوم الدم.
كذلك: لو قتل زانياً محصناً، ولذا قال المؤلف:[أو زانٍ محصن]: هذا رجل أتى إلى زانٍ محصنٍ فقتله، ثم أتى ببينة تشهد له أن هذا زانٍ محصن، يعني: أتى بشهود أربعة شهدوا أنهم رأوا أن الميل في المكحلة، فلما أُتي بالقاتل إلى القاضي قال: أنا قتلت هذا الزاني المحصن، وعندي بينة، فلا يقتل به، ولكن يعزره الإمام بما يراه، أي: يعاقبه بحبس أو جلد ليرتدع عن هذا الفعل؛ لأن هذا افتيات على حق الإمام، فالإمام أو نائبه هم الذين يقيمون الحدود.
لكن لو قتله بعد توبته، مثل رجل قتل آخر وقال: إنه قد زنا وهو محصن، وأتى ببينة تشهد على ذلك، لكن هذا الزنا قد حصل قبل سنة مثلاً، وهذا المقتول قد ظهرت توبته، وعرفت استقامته، والله جل وعلا يقول:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ}[المائدة:٣٤]، وهذا قد تاب قبل أن يقدر عليه، وعلى ذلك فهذا يكون قد قتل معصوم الدم؛ لأن هذا الزاني قد ظهرت توبته.
قال:[ولو أنه مثله] فلو أن امرأة زنى بها رجل ولما رأت البينة تشهد قتلت هذا الزاني، والبينة شهدت بأنه زان، فلا تقتل به، ولكن إن كانت محصنة وشهدت عليها البينة رجمت، وإن لم تكن محصنة فإنها تجلد حد الزنا، ويأتي إن شاء الله تعالى.