قال المصنف رحمه الله:[ويورث القصاص على قدر الميراث، فمتى ورث القاتل أو ولده شيئاً من القصاص فلا قصاص].
القصاص يورث على قدر الميراث، وذلك لأن الذين لهم حق في القصاص هم الورثة، فننظر من هم ورثة المقتول، فورثته هم أولياء الدم، فإذا عفا أحدهم عن القاتل أسقط الحق في القصاص وعتق القاتل فلم يقتص منه، وهذا هو قول جمهور العلماء.
وقد جاء في سنن أبي داود وغيره: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من قتل له قتيل فأهله بين خيارتين) قوله: (فأهله) يعني: ورثته؛ لأن الأهل هم الورثة.
وفي مصنف عبد الرزاق بإسناد صحيح أن عمر رضي الله عنه أتي برجل قد قتل آخر، فعفت زوجة المقتول، وكانت أختاً للقاتل، فقال عمر رضي الله عنه: الله أكبر قد عتق القتيل، وهذا الأثر إسناده صحيح، وبه قال الجمهور.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن العصبة فقط هم الذين لهم حق القصاص، وهم الذين يرثون الدم؛ لأن العار يلحقهم، والصحيح خلافه، وهو قول الجمهور كما تقدم، وأثر عمر رضي الله عنه لا يعلم له مخالف فكان حجة.
إذاً: الورثة هم الذين يرثون الدم.
قال هنا:[ويورث القصاص على قدر الميراث، فمتى ورث القاتل أو ولده شيئاً من القصاص فلا قصاص]: القاتل قد يدخل في الورثة، مثال هذا: رجل قتل أخا زوجته، فكانت هذه الزوجة من ورثة دم أخيها القتيل، ثم إن الزوجة ماتت فيرثها زوجها، فأصبح القاتل من ورثة الدم.
وإذا كان لها ولد كأن يكون مثلاً قد طلقها؛ لكن لها ولد منه، فأصبح ولدها من ورثتها، وهي من ورثة الدم فلا قصاص؛ لأن القصاص لا يتبعض، يعني: لا يمكن أن نقتص من بعضه، ولذا سيأتي إن شاء الله أنه إذا عفا أحد الورثة سقط القصاص، فلو كان ورثة الدم عشرة، فأسقط واحد من هؤلاء العشرة القصاص؛ فإن الدم يعصم، ولا يقتل هذا القاتل؛ لأن القصاص لا يتبعض، فإذا عفا بعضهم سقط حق بقيتهم في القصاص.