[حكم تعليق الطلاق بالإذن ثم الرجوع فيه]
قال: [فصل في مسائل متفرقة: إذا قال: إن خرجت بغير إذني فأنت طالق: فأذن لها ولم تعلم أو علمت وخرجت، ثم خرجت ثانياً بلا إذنه طلقت].
الإذن كما هو معلوم في اللغة هو الإعلام، وعلى ذلك فلا يعتبر إذناً إلا بعد الإعلام، فلو أن رجلاً منع ابنه من شيء، ثم بدا له أن يأذن له ولم يعلمه، وإنما تشاور مع بعض الناس وقال: أذنت لابني ولكنه لم يعلمه بعد، فلا يعد هذا إذناً حتى يعلمه.
فإذا قال رجل لامرأته: أنت طالق إن خرجت بغير إذني، فأذن ولم يعلمها، فإذا خرجت فهي طالق.
وهذا كله ينبني على ما تقدم من الكلام في الحلف بالطلاق، وتقدم أن الراجح أن عليه كفارة يمين إذا كان لا يريد الطلاق وإنما يريد منعها، أو حثها على الفعل فقط، وتقدم شرح هذا في درس سابق.
إذاً: إذا خرجت قبل أن يعلمها فإنها تطلق على ما ذكر المؤلف، هذا رجل قال لأمه: إني قد أذنت لامرأتي أن تذهب حيث كنت قد منعتها إلا بإذني، ولكنه لم يعلمها بذلك، فخرجت ولم تعلم بإذنه فإنها تطلق كما تقدم.
فقوله: [أو علمت وخرجت ثم خرجت ثانياً بلا إذنه طلقت].
كما لو قال: يا فلانة، إن خرجت إلى المكان الفلاني بلا إذني فأنت طالق، فأذن لها فخرجت، ثم خرجت بعد ذلك مرة أخرى بلا إذن، فإنها كذلك تطلق؛ لأنها قد خالفت فكان حانثاً في يمينه، لأن قوله: يا فلانة إن خرجت بغير إذني فأنت طالق، ليس لمرة واحدة ولا لمرتين ولا لثلاث، فلا تخرج إلا بإذنه.
قال: [ما لم يأذن لها في الخروج كلما شاءت].
إذاً: هذا هو المخرج من هذه اليمين، وهو أن يقول لها: يا فلانة كنت قد قلت لك ألا تخرجي إلا بإذني فإن خرجت بلا إذني فأنت طالق، وإني الآن أذنت لك أن تخرجي كلما شئت، وعلى ذلك فلا يحنث في يمينه.
قال: [وإن خرجت بغير إذن فلان فأنت طالق فمات فلان وخرجت لم تطلق].
قال: يا فلانة أنا مسافر، فإن خرجت بغير إذن أبي أو بغير إذن أمي أو بغير إذن أبيك أو بغير إذن أمك فأنت طالق، فخرجت بلا إذن فإنها تطلق.
لكن إن مات من اشترط إذنه فخرجت لم تطلق؛ لأن الميت لا إذن له.
[وإن خرجت إلى غير الحمام فأنت طالق فخرجت له ثم بدا لها غيره طلقت].
قال: يا فلانة إن خرجت إلى غير المستشفى فأنت طالق، فمرضت فخرجت إلى المستشفى وإلى موضع آخر، فتكون قد خالفت، وعلى ذلك فقد حنث في يمينه.