وقال أهل الظاهر: بل رضاع الكبير يحرم ولو كان ابن خمس عشرة سنة أو ابن عشرين سنة، واستدلوا بما ثبت في صحيح مسلم أن سهلة بنت سهل زوج أبي حذيفة قالت:(يا رسول الله إن سالماً قد بلغ مبلغ الرجال وعقل ما عقلوا وإني أرى في نفس أبي حذيفة شيئاً)، في رواية:(أنه ذو لحية)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أرضعيه تحرمي عليه).
أهل العلم لهم في هذا الحديث ثلاثة مسالك: أهل الظاهر قالوا بظاهره.
والجمهور قالوا: هذه واقعة عين خاصة بـ سالم، ولذا جاء في صحيح مسلم أن عائشة كانت تقول بذلك رضي الله عنها قال: وأبت سائر نساء النبي عليه الصلاة والسلام ذلك وقلن: إنما هي رخصة أرخصها النبي عليه الصلاة والسلام لـ سالم خاصة.
واختار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم الجوزية أن ذلك خاص بـ سالم ومن كان مثل سالم، وعلى ذلك فالخصوصية خصوصية وصف لا خصوصية عين، فمن كان وصفه كوصف سالم فله حكم سالم، وهذا هو الأصل، وأن الشرع لا يخصص أحداً دون أحد.
وعلى ذلك فلو أن امرأة ربت لقيطاً فلما بلغ فإذا به يحرم عليها، فما هو الحل؟
الجواب
الحل أن ترضعه، فهي لا تصبر عنه حيث أصبح كابنها، وهو لا يصبر عنها حيث أصبحت كأمه فقد ربته، وعلى ذلك فالصحيح أنها خصوصية وصف، هذا هو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن قيم الجوزية.
إذاً: الرضاع المحرم هو ما كان في الحولين هذا هو الأصل، وعلى ذلك فلو ارتضع ابن ثلاث سنين أو ابن سنتين وأيام فهل يؤثر ذلك؟ لا يؤثر، لكن إذا كان كحال سالم كلقيط أو نحو ذلك فإن له هذا الحكم، ورضاعه وإن كان كبيراً يؤثر.
ثم قال رحمه الله:[فلو ارتضع بقية الخمس بعد العامين بلحظة لم تثبت الحرمة] لأن الرضاع قد خرج بعضه عن الحولين.
إذاً لابد أن يرتضع هذا الطفل خمس رضعات معلومات، فيكون هذا في الحولين، فلو أرضعته أربعاً في الحولين وواحدة بعد الحولين، لم تحرم عليه.