للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعريف العاقلة]

الحمد لله رب العالمين، وبه نستعين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وبعد: قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب العاقلة].

العاقلة: من العقل، وهي الدية، وذلك لأنهم كانوا يعقلون الإبل عند أهل القتيل، وهو -أي: العقل- الحبل الذي تربط به رجل الناقة.

فالعاقلة إذاً من الدية، والدية يقال لها عقل؛ لأنها تكون في الإبل، وقد كانت الإبل تعقل عند أهل القتيل.

قال: [وهي.

أي: العاقلة: ذكور عصبة الجاني نسباً وولاءً.

أي: لا رحماً].

هذه هي العاقلة، فالعاقلة التي تتحمل كما تقدم دية الخطأ وشبه العمد هم عصبة القاتل الذكور، والعصبة كما تقدم في الفرائض تكون في النسب وفي الولاء لا في الرحم، يعني: لا يدخل الخال، ولا ابن الخال، لأنهم رحم، أما العم وابن العم، والأخ الشقيق، والأخ لأب، فهؤلاء يدخلون، لأنهم عصبة.

وقد جاء كما تقدم في الصحيحين في قصة الهذليتين اللتين اقتتلتا فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، وفيه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام قضى بأن دية المرأة على العاقلة) هذه هي العاقلة.

وقد جاء عند الخمسة إلا الترمذي: (أن النبي عليه الصلاة والسلام قضى أن دية المرأة على عصبة القاتلة ولا يرثون منها شيئاً إلا ما فضل من ورثتها).

إذاً: العاقلة هم عصبة القاتل من الحواشي، ومن الأصول، ومن الفروع، فدخل في ذلك الأب والابن، والإخوة والأعمام، وتقدم إيضاح هذا في كتاب الفرائض، ولا يدخل في ذلك الجاني نفسه، وهذا هو ظاهر الحديث، وهو المشهور في المذهب؛ وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام قضى بأن دية المرأة على العاقلة، ولا يدخل هو في العاقلة، هذا هو ظاهر الحديث.

وكذلك الحديث الآخر الذي فيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بدية المرأة على عصبة القاتلة) ولا يدخل الجاني نفسه على ظاهر هذا اللفظ.

وقال بعض العلماء، وهو اختيار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي بل يدخل في ذلك الجاني، قالوا: لأنه أولى، والصحيح الأول؛ لظاهر الحديث كما تقدم؛ فإن ظاهر الحديث أنها تجب على عاقلته.