[اختلاف عدد الطلاق بتقييده بالزمن]
ثم قال: [فصل في طلاق الزمن.
إذا قال: أنت طالق أمس أو قبل أن أتزوجك ونوى وقوعه إذاً وقع وإلا فلا].
إذا قال: يا فلانة أنت طالق أمس لا يقع، وذلك لأن المكلف إنما ينشئ في الحاضر وفي المستقبل ولا ينشئ كلاماً في الماضي.
ولو قال لها: أنت طالق قبل شهر وهو يريد إنشاء، فنقول: أنت إنما تنشئ كلاماً في الحاضر وفي المستقبل، وأما أن تنشئ كلاماً في الماضي فلا.
لكن إن نوى أنه يخبر أنه قد طلقها أمس، وقال: أنا أردت أني قد طلقتها أمس أو طلقتها قبل شهر فنقول: يقع، لأن هذا خبر.
وإذا كان ينشئ ويريد إيقاعه الآن، يعني: إني أوقعه الآن استناداً إلى وقوعه أمس فإنه يقع.
ولذا قال المؤلف: (ونوى وقوعه إذاً)، يعني الآن (وقع) لأنه يوقعه الآن استناداً إلى وقوعه أمس.
قال: (وإلا) يعني: وإلا ينوي وقوعه (فلا)، لأن العبد ليس له كلام ينشئه في الماضي.
ومثل هذا الكلام أيضاً عبث.
إذاً: إذا كان ينشئ فنقول: لا يصح الطلاق في السابق، لأن الطلاق في السابق ليس إليك أيها المكلف إنشاؤه، وإن كان يريد استمرار ذلك إلى الحاضر يعني يقول: أنت طالق اليوم استناداً إلى طلاقك أمس فهذا يقع.
وإذا كان يريد أن يخبر فننظر إلى خبره: فإن كان خبراً صادقاً طلقت، وإن كان خبراً كاذباً لم تطلق.
قوله: (أو قبل أن أتزوجك).
الطلاق قبل النكاح لا يصح، ولذا قال الله جل وعلا: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب:٤٩] فالطلاق إنما يكون بعد النكاح.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك)، رواه الترمذي وغيره.
لو أن رجلاً قال: إن نكحت فلانة فهي طالق، فلا يقع شيء، أو قال: يا فلانة أنت طالق قبل أن أتزوجك، فإنه لا يقع.
قال: [وأنت طالق اليوم إذا جاء غد فلغو]، لأن غداً لا يجيء اليوم، أي: كيف تكون طالقاً اليوم إذا جاء غد، والغد لا يجيء اليوم، ولذا قال المؤلف، هذا لغو، وهذا كما تقدم عبث.
قال: [وأنت طالق غداً أو يوم كذا وقع بأولهما].
قال: يا فلانة أنت تريدين الطلاق؟ قالت: نعم، قال: أنت طالق غداً، فإنها تطلق بأوله، فإذا قال المؤذن: الله أكبر لصلاة الصبح طلقت، لأن هذا مقتضى كلامه.
قوله: (أو يوم كذا) كأن قال: أنت تريدين الطلاق وأنا سأسافر في يوم كذا فأنت طالق في يوم كذا -لليوم الذي يسافر فيه- فتطلق في أول جزء منه.
يعني: إذا قال المؤذن الله أكبر لصلاة الفجر طلقت.
قال: [ولا يقبل حكماً إن قال: أردت آخرهما]، قال: طلقتك يا فلانة غداً، فلما جاء الغد أتى إليها يجامعها مثلاً وكان الطلاق بائناً، فقالت: أنت طلقتني وقلت: أنت طالق غداً، قال: أردت في آخر النهار، فلا يقبل منه حكماً -يعني في القضاء- لكن فيما بينه وبين الله جل وعلا إن كان قد نوى ذلك قُبِل، لأن اللفظ يحتمل ذلك.
قال: [وأنت طالق في غد]، أي: أتى بفي التي تفيد الظرفية، [أو في رجب، يقع بأولهما]، فقوله: أنت طالق في رجب يقع في أول رجب، وأنت طالق في غد يقع في أول اليوم.
قال: [فإن قال: أردت آخرهما قبل حكماً]، أي: هنا يقبل حكماً.
إذا قال: أنت طالق غداً لم يقبل منه حكماً إن قال: أردت آخر النهار، ولكن إن قال: أنت طالق في غد قبل حكماً، والفرق أن الكلام هنا يحتمل، ويحتمل أن يكون في أوله وفي آخره وفي وسطه، فلما كان الأمر كذلك قبل منه هذا القول حكماً.
قال: [وأنت طالق كل يوم؛ فواحدة]، لأنها إذا طلقت اليوم فهي طالق غد وبعد غد إلا أن يراجعها.
قال: [وأنت طالق في كل يوم، فتطلق في كل يوم واحدة]، فهناك فرق بينها وبين العبارة السابقة، ففي كل يوم طلقة.
قال: [وأنت طالق إذا مضى شهر: فتطلق بمضي ثلاثين يوماً].
لأن الشهر ثلاثون يوماً، أو تسع وعشرون يوماً، لكن عندما يطلق في وسط الشهر -ومثل ذلك أيضاً الذي يصوم شهرين متتابعين ويبدأ من وسط الشهر، فهذا يصوم ستين يوماً- ومثل ذلك هنا؛ لأن الشهر قد يكون ثلاثين يوماً فيؤمر بذلك من باب الاحتياط.
[وإذا مضى الشهر فبمضيه].
هم الآن في نصف رجب قال: أنت طالق إذا مضى الشهر، فتطلق إذا مضى هذا الشهر الذي هم فيه، فإذا خرج رجب طلقت.
[وكذلك إذا مضت سنة أو السنة].
أي: كذلك إذا قال: أنت طالق مضى سنة، فنحسب سنة كاملة، أو قال: إذا مضت السنة فإذا خرجت هذه السنة التي هم فيها.