قال:[وللحاكم أن يعمل بعلمه فيما أُقر به في مجلس حكمه].
القاضي لا يحكم بعلمه، فإذا كان يعلم أن فلاناً قتل فلاناً فليس له أن يُحكم بالقصاص أو بالدية، أو رأى فلاناً يسرق فليس له أن يحكم بذلك، ولا يحكم إلا بالبينة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(إنما أقضي بنحو ما أسمع) كما في الصحيحين.
فلا يقضي بعلمه؛ لأن هذا يدعو إلى اتهامه فيكون القاضي محل تهمة، ولأن هذا يفتح باب شر وفساد.
وعلى ذلك فالقاضي لا يحكم بعلمه، لكن هنا مسائل تُستثنى منها ما ذكره المؤلف هنا:[ما أُقر به في مجلس حكمه) أي: أتى زيد وعمرو فادّعى زيد أن عمراً استقرض منه عشرة آلاف ريال، فأقر عمرو بذلك، ثم بعد ذلك أنكر فالقاضي يحكم بعلمه هنا؛ لأن هذا الإقرار كان في مجلس الحكم وما دام في مجلس الحكم فهو كالشهادة.
كذلك إذا استفاض الأمر بحيث إن الناس يعلمونه خاصتهم وعامتهم، فالقاضي إذا حكم لا يُتهم، كأن يعلم القاضي أن هذه الأرض لفلان، وهذا قد استفاض عند أهل القرية عامتهم وخاصتهم، فيحكم بذلك؛ لأنه قد حكم بالاستفاضة، وعلمه داخل في الاستفاضة فحكم بعلمه المنبني على استفاضة هذا الخبر.
كذلك أيضاً في عدالة البيّنة وفسقها، كما قال: [وفي عدالة البيّنة وفسقها] بغير خلاف بين أهل العلم.
إذا أتاه شاهدان وهو يعلم أنهما من أهل العدالة، فلا يحتاج أن يطلب عليهما من يزكّيهما، بل يأخذ بذلك، وإذا كان يعلم أنهما من أهل الفسق فإنه يأخذ بذلك.
ويدل عليه أثر عمر فإنه قال: إني لست أعرفك، فدل على أن القاضي إذا كان يعرفه فإن هذا يكفي.