[حكم الشهادة الناقصة عن الكمال]
قال: [فصل: فلو شهد بقتل العمد رجل وامرأتان لم يثبت شيء]؛ لأن قتل العمد كما تقدم لا بد فيه من شهادة رجلين.
وعلى ذلك: فإذا شهد به رجل وامرأتان لم يثبُت شيء، يعني: لا قصاص ولا مال، أما القصاص فظاهر وتقدم؛ لأنه لا بد من شهادة رجلين، وأما المال -يعني الدية- فلأن المال فرع عن ثبوت القصاص؛ لأن الأولياء لهم أن يختاروا القصاص ولهم أن يختاروا الدية، ولهم أن يعفوا مجاناً، وعلى ذلك فإذا كان القصاص لا يثبت لم يثبت المال لأنه فرع عنه.
[وإن شهدوا بسرقة ثبت المال دون القطع].
إن شهد رجل وامرأتان أن فلاناً قد سرق كذا وكذا فلا حد، لعدم كمال بينة الحد، فإن الحد لا بد فيه من شهادة رجلين، والبيّنة هنا غير كافية فهي شهادة رجل وامرأتين، لكن هل يثبت المال؟ قال هنا: (ثبت المال) يعني: الضمان لمن سُرق منه، فنقول لهذا الذي قامت هذه البيّنة بأنه قد سرق: لا نُقيم عليك الحد لعدم حصول بيّنة الحد لكن عليك الضمان للمسروق منه؛ لأن بيّنة المال قد ثبتت وهي شهادة رجل وامرأتين.
فإن قيل: ما الفرق بين هذه المسألة والتي قبلها؟ ف
الجواب
أن المال هناك فرع عن القصاص، فإذا تركه الأولياء انتقلوا إلى المال أو العفو مجاناً، وأما المال في السرقة فليس ببدل، وذلك بأن السارق يجب عليه الحد والضمان معاً؛ لكن القاتل عمداً لا نقول إنه يجب عليه القصاص والدية، بل يجب عليه القصاص إلا أن يعفو أولياء الدم عن القصاص فننتقل إلى المال.
فالمال في مسألة القصاص بدل، وأما المال في مسألتنا هذه فهو حق آخر، فتُقطع يد السارق وعليه أيضاً ضمان الحق للمسروق منه.
قال: [ومن حلف بالطلاق أنه ما سرق أو ما غصب ونحوه فثبت فعله برجل وامرأتين أو رجل ويمين ثبت المال ولم تطلق].
هذا رجل حلف بالطلاق أنه ما سرق فقال: إن كنت قد سرقت فامرأتي طالق! وبيّنة الطلاق كما تقدم شهادة رجلين في المشهور في المذهب، وبيّنة ضمان المال دون ذلك، وهي شهادة رجل وامرأتين.
فإذا أتى رجل وامرأتان وشهدوا أنه قد سرق ثبّتنا عليه الضمان ولم نُثبّت عليه الحد كما تقدم، لكن هل تطلق امرأته بهذه البيّنة؟ الجواب: لا تطلق امرأته بهذه البيّنة حتى يُقر؛ لأن الطلاق لا بد فيه من شهادة رجلين.
إذاً: ليس للقاضي أن يُثبت طلاقاً بناء على هذه البيّنة التي ثبت فيها الضمان نوضح بمثال آخر: قال: ما غصبت فلاناً حقه وإن كنت قد غصبته حقه فامرأتي طالق، ثم إنه ثبت أنه غصب بشهادة رجل وامرأتين فهنا لا نطلق عليه امرأته بهذه البيّنة؛ لأنه لا بد في بيّنة الطلاق من شهادة رجلين، ولا تكفي شهادة رجل وامرأتين؛ هذا على المذهب، وتقدم أن الراجح خلافه، لكن المال يثبت بشهادة رجل وامرأتين كما تقدم شرحه.