وقوله هنا:(ولا ينفذ حكمه في غير محل عمله) هو كما تقدم؛ لكن إن تراضى أي الخصمان على رجل يصلح للقضاء فإن حكمه يصح ويلزم الخصمان العمل به، وإذا رُفع الأمر إلى القاضي وجب على القاضي أن ينفّذه؛ لأن الله جل وعلا يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة:١]، وهذا هو قول أكثر الفقهاء.
وقد جاء في سنن أبي داود في حديث أبي شريح وكان يكنى بـ أبي الحكم فسأله النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك؟ فقال:(إن قومي إذا اختلفوا أتوا إليّ فحكمت بينهم فرضي كلا الطرفين، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ما أحسن هذا).
إذاً: مذهب أكثر العلماء أن الخصمين إذا أتيا إلى رجل من أهل العلم الذين تتوفر فيهم شروط القاضي وقالوا: نحن نرضى بحكمك، وتعاقدا على ذلك، فحكم بينهما فيجب عليهما الأخذ بحكمه.
وإنما يجوز لهما الرجوع قبل شروعه في الحكم، فإذا شرع في الحكم وجب عليهما أن يأخذا بحكمه، وإذا رفع قضاءه إلى قاضي البلد وجب على قاضي البلد أن ينفّذه.
مثلاً: هناك قبيلة في بلد أو دولة لا تحكم بالشرع، فيختارون عالماً يصلح للقضاء ويترافعون إليه ويحكم بينهم، فهنا يجب على قاضي البلد أن ينفذ هذا الحكم؛ لأنهما تراضيا عليه، والله جل وعلا يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة:١].