وعلى ذلك يكون عندنا أمران في قتل العمد (العدوان): الأمر الأول: أن يقصد الجاني من يعلمه آدمياً معصوماً، وعلى ذلك فلو قصد صيداً أو قصد هدفاً يتعلم به الرماية، أو قصد آدمياً لكن هذا الآدمي ليس بمعصوم، فهذا القتل ليس بعمد، وعلى ذلك فلا يوجب القصاص.
الأمر الثاني: أن يكون ذلك بما يقتل في الغالب، وعلى ذلك فلو ضربه بيده في غير مقتل، أو ضربه بعصاً، أو رماه بحجرٍ صغيرة لا تقتل غالباً، فلا يكون ذلك عمداً عدواناً، وإن مات به.
هذا هو قتل العمد، قال الله جل وعلا في كتابه الكريم:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}[النساء:٩٢] إلى أن قال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ}[النساء:٩٣].
وفي الصحيحين أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً وستر الله عليه فهو إلى الله إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له).
وهذا الحديث المتفق عليه يدل على أن قاتل النفس تقبل توبته وإن كان القتل عمداً، ولا خلاف بين السلف في هذا، ولذا قال:(ومن أصاب من ذلك شيئاً وستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له) فدخل في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٨].