[حكم من تصرف في شيء ثم أقر به لغيره]
قال: [فصل: ومن باع أو وهب أو أعتق عبداً ثم أقر به لغيره لم يُقبل].
رجل باع سيارة وقبض ثمنها وانتهى الأمر ثم قال: إن السيارة التي بعتها ليست لي إنما هي لفلان، فهل نأخذ السيارة من المشتري؟
الجواب
لا؛ لأن الإقرار لا يتعدى إلى الغير، أي أن إقرار الرجل يكون على نفسه فقط ولا يتعدى إلى غيره.
وإقرار الرجل هذا ليس بيّنة، إنما هو إقرار فيلزمه هو ولا يلزم غيره فنقول: هذه السيارة للمشتري وأنت أقررت أن هذه السيارة التي بعتها أنت ليست لك وإنما هي لزيد، فيلزمك الغرامة لزيد، أما السيارة فقد ذهبت للمشتري، وأنت حيث أقررت لزيد ولا بيّنة فإنه يلزمك أن تغرم لزيد، ولذا قال: [ويغرمه للمقر له] لأنه فوته عليه.
قال: [وإن قال غصبت هذا العبد من زيد لا! بل من عمرو]، بل هنا للإضراب، يقول: غصبت هذا العبد من زيد، ثم قال: لا! بل من عمرو، فقال هنا: [أو ملكه لعمرو وغصبته من زيد] يقول: [فهو لزيد ويغرم قيمته لعمرو] لأن يد زيد عليه.
في المثال المتقدم يقول: غصبت هذا العبد من زيد، لا بل من عمرو، فنقول: هذا العبد لزيد؛ لأن يده عليه، فأنت تقر أن يده عليه فأعطه زيداً واغرم قيمته لعمرو.
هذا رجل معه -مثلاً- جوّال ثم إنه قال: إن هذا الجوال الذي بيدي قد غصبته من بكر، لا بل هو لخالد.
فنقول: قولك إنك قد غصبته من بكر إقرار منك أن يد بكر عليه فأعطه بكراً، وبقي حق عمرو فنقول: قولك: بل لعمرو يلزمك أن تغرم ثمنه لعمرو فتعطي عمراً ثمنه، وذلك لأن الإقرار كما ذكرنا حجة قاصرة لا تتعدى صاحبها الذي أقر، فما دام أنه أقر أنه قد غصبه من زيد فنقول: إن يد زيد عليه وأما عمرو فإنك تغرم قيمته له.
[و] لو قال: [غصبته من زيد وملكه لعمرو، فهو لزيد ولا يغرم لعمرو شيئاً] وما الفرق أنه هناك قدّم فقال: ملكه لعمرو، وهنا قال: غصبته من زيد وملكه لعمرو.
فبين الجملتين فرق، لأن قوله هنا: ملكه لعمرو وغصبته من زيد، فيه إقرار بأن ملكه لعمرو، وبأنه غصبه من زيد، فنقول إذاً: هذا إقرار منك أن هذا الشيء لزيد وإقرار منك أنه ملك لعمرو وأنك قد غصبته من زيد، فعلى ذلك تغرم لمن كان ملكه وتُعطيه من غصبته منه.
لكن لو قدّم فقال: غصبته من زيد وملكه لعمرو، فإنه هنا أخّر هذه الجملة (وملكه لعمرو) فنقول: إن هذه شهادة منك، والشاهد لا يغرم، فعندما تأخرت هذه الجملة أصبحت شهادة، والشاهد لا يغرم.
فإنك تقول: أنا غصبته من زيد ولكن ملكه لعمرو، فقولك: (وملكه لعمرو) هذه شهادة والشاهد لا يغرم، أي: إن قُبلت شهادتك وإلا فإنك لا تغرم.