للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أن تكون اليمين على أمر مستقبل]

قال: [الرابع: كونه على أمر مستقبل لا على أمر ماض].

لأن الأمر الماضي لا يدخله الحِنث بل إما الصدق أو الكذب.

فإذا قال: والله لا أزور فلاناً غداً، فهذا مستقبل، وكذا لو قال: والله لا أدخل دار فلان، أو قال: والله لأسافرن غداً إلى مكة، وهنا ننظر: فإن ترك ما حلف على فعله أو فعل ما حلف على تركه فقد حنث، فعليه الكفارة.

أما الأمر الماضي فلا كفارة في كل حال؛ لكنه إن كان صادقاً فلا إثم عليه، وإن كان كاذباً فهي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار.

وقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام الكبائر كما في البخاري من حديث عبد الله بن عمرو وذكر منها اليمين الغموس فسأله ابن عمرو عنها؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (هي اليمين التي يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها كاذب).

والفقهاء أطلقوا ورأوا أن كل يمين كاذبة يعلم صاحبها أنه كاذب فيها فهي يمين غموس؛ لأنها يمين فاجرة، لكن الصنعاني رحمه الله يرى أن اليمين الغموس هي اليمين التي يقتطع بها مال المسلم هو فيها كاذب دون غيرها، والصحيح ما عليه الجمهور؛ وذلك لأنها يمين فاجرة، لأنه حلف بالله وهو يعلم كذب نفسه، وأقبحها اليمين التي يقتطع بها مال أخيه المسلم وهو فيها كاذب.

إذاً: اليمين التي فيها الكفارة هي اليمين التي تكون على أمر مستقبل لا على أمر ماض، ولذا قال: [فلا كفارة على ماض بل إن تعمد الكذب فحرام]؛ أي: لأنها اليمين الغموس، [وإلا فلا شيء عليه]، يعني: إذا لم يتعمد الكذب وظن صدق نفسه.

بعض الناس يقول: والله لقد حصل كذا وكذا قبل سنة! وهو إنما حصل قبل سنين لكنه يظن صدق نفسه، أو يقول: والله إن الذي أقبل هو فلان! فيتبين أنه شخص آخر وكان يظن صدق نفسه؛ فهذه يمين لا يلحقه فيها إثم؛ لأنه يظن صدق نفسه، أما التي يعلم كذب نفسه فيها فهي اليمين الغموس كما تقدم.