للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى عكرمة بن خالد، عن مالك بن أوس بن الحَدَثَان، أن عمر رضي اللَّه عنه قرأ: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} إلى آخر الآية، فقال: هؤلاء المهاجرون، ثم تلا: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ}، الى آخر الآية، فقال: هؤلاء الأنصار، ثم قرأ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا} [الحشر: ١٠] إلى آخر الآية.

فقال: هذه استوعبت الناس، فلم يَبق أحد من المسلمين إلا وله في هذا المال حق، فإن أعش إن شاء اللَّه لم يبق أحد من المسلمين إلا سيأتي حقه، حتى الراعي بسَرْوِ حِمْيَر (١)، أو بسور حِمير، يأتيه حقُّه ولم يعرق فيه جبينه (٢).

وقال مجاهد: في الأنصار {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ}، أنهم سمحوا بغنائم بني النضير، وذلك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قسمها بين المهاجرين دونهم، إلا رجلين من الأنصار كانا فقيرين فأعطاهما معهم، أبو دُجانة الساعدي، وسهل بن حُنَيف.

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنه: لما غنم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بني النضير قال للأنصار: "إن شئتم قسمتها بين المهاجرين وبينكم، وكنتم على مواساتكم، وإن شئتم كانت للمهاجرين فاستغنوا عنكم"، فقالوا: بل تقسمها بينهم ونبقى على


(١) سَرْوُ حِمْير: موضع باليمن، أعلى بلاد حِمير، بفتح السين وسكون الراء وآخره واو، انظر معجم البلدان (٣/ ٢١٧)، ومعجم ما استعجم (٣/ ٧٣٦).
(٢) رواه البيهقي في السنن الكبرى من طريق القاضي إسماعيل بن إسحاق، عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن أيوب به، برقم ١٣٠٠٣، كتاب: قسم الفيء والغنيمة، جماع أبواب تفريق ما أخذ من أربعة أخماس الفيء، باب: ما جاء في قول أمير المؤمنين عمر رضي اللَّه عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>