للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}

قال القاسم بن محمد، عن ابن عباس: إن رجلًا سأله فقال: إن لي إبلًا، وليتيم في حجري إبل، وأنا أمنح من إبلي وأُفْقِرُ (١)، فما يَحِل لي منها؟ قال: إن كنتَ تلتمس ضالَّتها، وتَهْنَأ جَرْباها (٢)، وتَلُوط حوضها (٣)، وتسعى عليها، فاشرب من ألبانها، غير مضِرٍّ بنَسْل، ولا ناهِكٍ في ظهر (٤).

وقال القاسم: ولو رواه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لكان أحسن. والروايات في هذا تكثر وتتسع.

والذي أراد اللَّه تبارك وتعالى -واللَّه أعلم بما أراد من ذلك-، أنه إذا كان الوصيُّ غَنِيًّا غير محتاج إلى مال اليتيم فليس له أن يأكل منه، ولا ينتفع منه بشيء، إذ أمره اللَّه عز وجل بذلك، فإن كان فقيرًا، وكان قيامه على اليتيم يُشغله عن التصرف وطلب المعاش لنفسه وعياله، كان له أن يأخذ من مال اليتيم ما يكفيه وعيالَه بالمعروف، ليس له أن يَتَأَثَّل منه مالًا، ومع ذلك لم فينبغي له أن يَسْتَنْمِيَ لليتيم في ماله، حتى لا تقدح نفقته بالمعروف، وما يخرج من زكاة مال


(١) أُفْقِر: أُعِير، أَفْقَر البعيرَ يُفْقِرُه إفقارًا إذا أعاره، انظر النهاية (٣/ ٤٦٢).
(٢) تَهْنَأُ جَرْباها: أي تعالج التي أصابها الجرب بِدَهْنِها بالقطران، من هَنَأْتُ البعير أَهْنَأه، والهِناء: القَطِران، انظر مشارق الأنوار (٢/ ٢٧٠)، والنهاية (٥/ ٢٧٧).
(٣) تَلوط حَوْضَها: تلصق الطين به، وتصلحه، وتسُدُّ تشققه، وأصله من لاط الشيء بالشيءَ أي: لزق به، انظر مشارق الأنوار (١/ ٣٥٧).
(٤) رواه مالك في الموطأ برواية يحيى برقم ٢٦٩٩، كتاب: الجامع، باب: ما جاء في الطعام والشراب.

<<  <  ج: ص:  >  >>