للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك لما قيل: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا}، دل على أنه عن غير طيب نفس، ثم قيل: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩]، فلما اشتركا أيضًا علم أن الذي تفتدي به حلال خوطبا به جميعًا إذ فعلته عن رغبة منها، فلما كان كذلك جاز لهما، وعلم أنه أمر مستأنف مُطلَق في كل ما طابت به نفسها له، وهو قول عامة أهل العلم، والخُلع عندهم إنما يكون بالصداق، والفدية تكون بالصداق وأقل منه وأكثر.

وقال الناس جميعًا إلا طاوس: إن الخلع طلقة.

وروى طاوس عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه-: إنه فسخ بغير طلاق (١)، فعوتب طاوس في ذلك، فعزاه إلى إنسان، وأنكر أن يكون سمعه من ابن عباس.

[الطلاق ثلاثًا]

وروي عن طاوس أيضًا أنه روى عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- في المطلق ثلاثًا، أنها واحدة (٢)، وأنكر الناس ذلك على طاوس، لأن سعيد بن جبير روى عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- في رجل طلق مائة تطليقة، فقال ابن عباس -رضي اللَّه عنه-: ثلاث منها تُبِينُها، وسائرهن اتخذت بها آيات اللَّه هزؤًا (٣).

وروى مجاهد، وعطاء، وغيرهما، عن عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنه-، فيمن طلق بعدد نجوم السماء، فقال: يجزئك منهالم ذنب بناتِ نَعْش (٤)، وقيل: رأس الجوزاء.


(١) رواه ابن أبي شيبة ١٨٦٤ كتاب: الطلاق، من كان لا يرى الخلع طلاقًا.
(٢) رواه مسلم (٤/ ١٨٣ - ١٨٤)، كتاب: الطلاق، باب: طلاق الثلاث.
(٣) رواه عبد الرزاق في المصنف برقم ١١٣٤، كتاب: الطلاق، باب: المطلق ثلاثًا بلفظ: ". . . وسائرها عدوان".
(٤) بنات نَعْش: سبعة كواكب، أربعًا منها نعش لأنها مربعة، وثلاثة بنات نعش، اللسان (١٤/ ٢٩٨)، وذكره مالك بلاغًا في الموطأ برواية يحيى ١٥٨١، كتاب: الطلاق، ما جاء في البتة، بلفظ: "طلقت منك لثلاث، وسبع وتسعون اتخذت بها آيات اللَّه هزوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>