للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢٩ - وأما قوله: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}

[الخُلعْ]

فإن مالكًا -رضي اللَّه عنه- يقول: إذا كان النشوز من قِبَلها، والكراهية منها، فلا بأس بما يأخذه منها إذا افتدت به، قل أو كثر، وإذا كان الضِّرار من قبله، والأذى من جهته، لم يَحِل له ما تفتدي به منه (١)، لقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: ٢٠]، لأن الإرادة منسوبة في هذا الموضع إلى الزوج خاصة، فلم يجز له إذا أراد فِراق المرأة وكرهها ألا يفارقها حتى يأخذ منها شيئًا، وهذا الموضع وما أشبهه هو الذي كرهه مالك وجماعة من المفسرين (٢)، إذا كانت الإساءة من قبله لم يجز له أن يأخذ منها شيئًا، وإذا خافا ألا يقيما حدود اللَّه فقد اشتركا في هذه المخافة يَبَرَّ بها واحد منهما، وكان لها أيضًا أن تفتدي، وله أن يأخذ، كما كان له إذا كانت الإساءة من قبلها.


(١) في المدونة (٢/ ٣٤٠): وقال مالك: لم أزل أسمع من أهل العلم، وهو الأمر المجتمع عليه عندنا، أن الرجل إذا لم يصل للمرأة، ولم يأت إليها، ولم تؤت المرأة من قبله، وأحبت فراقه، فإنه يحل له أن يقبل منها ما افتدت به.
(٢) في المدونة (٢/ ٣٤١): وقال مالك في التي تفتدي من زوجها: إنه إذا علم أن زوجها أضر بها أو ضيق عليها وأنه لها ظالم، مضى عليه الطلاق ورد عليها مالها، وهذا الذي كنت أسمع والذي عليه الأمر عندنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>