للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثيقةً، متى تلف تلفًا ظاهرًا كان المال ثابتًا على الغريم لا يزول بتلف الرهن، فيكون ما حكم به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الشاهد واليمين (١) مستخرَجًا من باطن الآية.

[[القضاء بالمرأتين واليمين]]

وزعم غيرنا أنه يقضي بالشاهد مع اليمين، وهو مع ذلك يدعي من علم القرآن ما لم نر أحدًا ادعاه، ثم يقول مع ذلك أنه لا يحكم بالمرأتين واليمين (٢)، فكأنه جعل ما أمر اللَّه به وثيقةً لا وثيقة، وقد قال اللَّه تبارك وتعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}، ولم يختلف الفقهاء أن ذلك ليس على عدم الرجلين، فيشهد المرأتين عند عدم أحد الرجلين، وإنما هو إن لم يحضر رجلان، وحضر رجل وامرأتان فأشهدوهم، فإن كانت المرأتان تقومان مقام رجل، فاليمين معهما واجبة كوجوبها مع الرجل، وإن كانتا تنقصان عن الرجل، فقد صار الرجل مع المرأتين شهادته شهادة رجل وبعض رجل آخر، وهذا ما لا وجه له، ولا يقوله أحد من أهل العلم، ولا يسوغ في عقل.

[اختلاف المرتهنَين في الدّين]

وقد اختُلف أيضًا في الرهن إذا تداعيا ما عليه، فقال المرتهِن: هو عندي على مائة، وقال الراهن: بل هو على خمسين، فقال أكثر المفسرين: القول قول الراهن (٣).


(١) يشير إلى ما رواه مالك في الموطأ برقم ٢١١١، كتاب: الأقضية، القضاء باليمين مع الشاهد، برواية يحيى، عن جعفر بن محمد عن أبيه، مرسلا، ومسلم (٥/ ١٢٨)، كتاب: الأقضية، باب: القضاء باليمين والشاهد، عن ابن عباس.
(٢) هو الشافعي قال الماوردي في الحاوي الكبير: "ثم تجاوز مالك فقضى باليمين مع شهادة امرأتين، وإن لم يره الشافعي. . . " (١٧/ ١٠)، ولا يرى الشافعي شهادة المرأتان إلا مع رجل، انظر الأم (٧/ ٨٩) (ط المعرفة).
(٣) وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، انظر: بدائع الصنائع (٦/ ١٧٤)، والأم (٣/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>