للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٩ - قال اللَّه عز وجل: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ}

[[كفارة اليمين]]

قال الشافعي (١): من حلف عامدًا للكذب فقال: واللَّه ما كان كذا، وقد كان، وواللَّه لقد كان كذا (٢)، وما كانَ، كَفَّرَ وقد أساء (٣) إذ حلف باللَّه باطلًا.

قال: فإن قيل: ما الحجة في أن يُكَفِّر وقد عقد الباطل؟ قيل: أقربها قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه" (٤)، فقد أمره أن يعقد الحنِث، وقول اللَّه: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} [النور: ٢٢]، نزلت في رجل حلف ألا ينفع أخاه، فأمره اللَّه تبارك وتعالى أن ينفعه، وقوله عز وجل: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: ٢]، ثم جعل فيه الكفارة، قال: ومن حلف وهو يرى أنه صادق، ثم وجده كاذبًا فعليه الكفارة.

وشبه الشافعي شيئًا بما لا يُشْبه، لأن الذي أمره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه، إنما أمره أن يستأنف بعد اليمين شيئًا كان حلف فيه ألا يفعله، وكذلك قول اللَّه عز وجل: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا


(١) انظر كلام الشافعي الآتي في الأم (٧/ ٦٤).
(٢) في الأصل: كدى.
(٣) في الأصل: ساء.
(٤) تقدم (١/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>