للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٦ - قال اللَّه عز وجل: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}

قال حمّاد، عن حُمَيْد قال: لما استُقضيَ إياس بن معاوية أتاه الحسن فبكى إياس، فقال الحسن: ما يبكيك يا أبا واثِلة؟ قال: بلغني أن القضاة ثلاثة، اثنان في النار وواحد في الجنة، رجل اجتهد فأخطأ فهو في النار، ورجل مال به الهوى فهو في النار، ورجل اجتهد فأصاب فهو في الجنة، فقال الحسن: إن فيما نَصَّ (١) اللَّه تبارك وتعالى من نبأ داود وسليمان ما يرد قول هؤلاء الناس، يقول اللَّه تبارك وتعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: ٧٨ - ٧٩]، فأثنى اللَّه على سليمانَ ولم يَذُم داود.

ثم قال الحسن: إن اللَّه تبارك وتعالى أخذ على الحكام ثلاثًا: لا يشتروا به ثمنًا، ولا يتبعوا فيه الهوى، ولا يخشَوا فيه أحدًا. وتلا هذه الآية: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ}، إلى قوله: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا} [المائدة: ٤٣ - ٤٤]، وقرأ: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (٢).


(١) في المصدر: قَصَّ.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٦٥٠) لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن عساكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>