للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٣ - قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}

أما قوله: {الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} فإن ابن عباس رضي اللَّه عنه قال: لا أُولى (١) إلا ولها آخِرة (٢).

والأُولى (٣) واللَّه أعلم: ما بين عيسى ومحمد صلى اللَّه عليهما، والآخرة: جهْل قريش في مُحارَبتهم لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتكذيبه وإخراجه عن مكة.

وأما التبرج، فإن النساء كن يخرجن يتبخترن بين الرجال في مِشْيَتِهِن وحركاتهن، فنُهيَ نساءُ المؤمنين عن ذلك، وبُدِئ بأزواج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل نزول الحجاب، لأن التبختر من المرأة يحرك قلوب الرجال، ثم صانهن اللَّه بعد ذلك فأنزل الحجاب، وجعلهن أمهات المؤمنين، تعظيمًا لهُنَّ، وإيجابًا لحقهن على المؤمنين، كإيجاب حقوق الأمهات، وحُرِّمهن على المؤمنين كتحريم الأمهات، فحقُّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كحقِّ الآباء، وحقّهن كحق الأمهات، وزاد اللَّه تبارك وتعالى نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- الرأفةَ بهم والرحمة، فزاد في حقه وواجباته، لقوله سبحانه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٢٨].


(١) في الأصل: الأول، والتصويب من تفسير ابن جرير.
(٢) صدر أثرٍ رواه ابن جرير في تفسيره (١٠/ ٣٩٥)، وفيه أن عمر رضي اللَّه عنه سأل ابن عباس عن هذه الآية، وهل كانت الجاهلية إلا واحدة؟
(٣) في الأصل: والأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>